الرّأي بسبب الهرم أو المرض إجماعا لم يجز في حال الموت بنحو أولى قطعا ، فتأمل (١).
______________________________________________________
لأنّ الموت يلحقه بالجمادات ، بخلاف المرض والهرم ، فإنّهما لا يوجبان ذلك ، لأنّ النّفس لا زالت مدبّرة لشئون البدن ، لكن حصل اختلال في بعض القوى ، والموت يوجب تعطيل كل القوى.
(١) لعله إشارة إلى منع الأولوية ، حيث أنّ الموت يوجب تجرّد النّفس الناطقة عن ظلمة المادة وغشاوتها ، فتنكشف لديها الحقائق ، بخلاف المرض والهرم ، فإنّ النّفس الناطقة لتعلّقها بالبدن العنصري واشتغالها بتدبيره لا تتمكن من توسيط القوى الحسّاسة الجسمانية لإدراك الحقائق ، فإذا فارقت النّفس الناطقة والقوّة العاقلة هذا البدن وانقطعت علقتها عنها أدركت الأشياء على الوجه الأتم ، إذ لا مانع لها من الإدراك حينئذ.
أو إشارة إلى ما حكي عن المحقق القوچاني ، وهو : أنّ للعرف حيثيتين يختلف بهما أنظارهم ، إحداهما : كونهم من أهل العرف مع قطع النّظر عن تدينهم بشريعة.
وثانيتهما : كونهم متدينين بشريعة من الشرائع السماويّة. وما أفيد من انتفاء الرّأي بالموت عرفا إنّما هو بالنظر إلى الحيثية الأولى ، لا الحيثيّة الثانية ، فإنّهم ـ بعد أن أخبر النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ببقاء النّفس ـ قد فهموا بقاءها ، وهم يخطّئون نظرهم الأوّل ويعتقدون بقاءها. وحينئذ يكون الرّأي المتقوّم بالنفس مشكوك البقاء ، لأنّه إن كان مخالفا للواقع فقد ارتفع بالموت ، وإن كان مطابقا له فهو باق ، فيستصحب ، ويثبت المطلوب وهو جواز البقاء على تقليد الميت.
أو إشارة إلى غير ذلك مما لعله سيأتي في التعليقة.
وقد تحصل من مجموع ما أفاده المصنف من المناقشة في الاستدلال بالاستصحاب على جواز التقليد الاستمراري وجوه ثلاثة :
أوّلها : اختلال ركن اليقين بالحدوث ، لأنّ جواز التقليد حكم عقلي ليس فيه جعل حكم ظاهري ، بل هو منجّز على تقدير الإصابة ومعذّر على تقدير الخطأ كالعلم.
ثانيها : أنّه لو التزمنا بما ذهب إليه المشهور في حجية الأمارات ـ من جعل أحكام