.................................................................................................
______________________________________________________
تكون بالذات عبادة أو بواسطة النيّة. والأوّل مثل الصلاة والصوم. والعبادة في اصطلاح الفقهاء عبارة عن هذا القسم وربما يعرّفونه بالذي لا يصحّ بغير النيّة. وهذا لا يعرف ماهيّته إلّا من الشرع كما لا يعرف شرائطه وأحكامه الشرعيّة إلّا منه ، وكذا لا يعرف المصلحة في إيجابه بصورته المخصوصة وشرائطه المخصوصة *. والقسم الثاني مثل إنقاذ الغريق وإطفاء الحريق. وهذا القسم لا يتوقّف صحّته على النيّة ، نعم صيرورته عبادة يتوقّف عليها. وظاهر أنّ الأمر بإزالة النجاسة من القسم الثاني ، لأنّ وجوبه توصّلي. ومع قطع النظر عن الإجماع وعمل المسلمين في الأعصار والأمصار نقول : إذا قال أزل النجاسة نعرف معناه جزماً ، لأنّ الإزالة معناها معلوم لغة وعرفاً فنحكم بكفاية المعنى العرفي. فإن شرط شرطا شرعيّا نحكم باعتباره شرعا وإن لم يشترط نحكم بعدم اعتباره. ثمّ إنّ الإجماع واقع على عدم وجوبها لنفسها بل كونها لغيرها مثل الصلاة ، وبعد ما لاحظنا الصلاة نجد أنّ المعتبر فيها أنّ لا يكون نجاسة معلومة للمصلّي حال الصلاة ، فعلمنا من ملاحظة المجموع أنّ إيجاب الإزالة ليس إلّا للتوصّل إلى مصلحة هي انعدام النجاسة المعلومة في الواقع ، أعمّ من أن يكون ذلك الانعدام من جهة صاحب الثوب أو غيره حتّى أنّه لو انعدم بالمطر أو بوقوعه في الكر أو الجاري من غير مباشرة أحد لكفى. وأمّا الوضوء والغسل والتيمّم فهي عندهم من القسم الأوّل يحتاج إلى النيّة ، لعدم معلوميّة الماهيّة إلّا من الشرع وعدم معرفة المصلحة في الإيجاب بالخصوصيّة المعلومة وعدم ظهور كون الإيجاب لمحض التوصّل إلى أمر معلوم ، إذ لا نعرف أنّ الحدث ما ذا وأنّ الرفع بأيّ نحو وماهيّة الرافع ما هي فضلا عن شرائطه ، بل ظاهر الأمر أنّه واجب شرعاً وإن كان الوجوب لغيره فالمطلوبيّة والمصلحة إنّما يتحقّقان فيه. وفرق بين هذا وبين ما علم أنّ وجوبه لمحض التوصّل إلى مصلحة خارجة ** ثمّ إنّه حرسه الله تعالى حاول
__________________
(*) الخصوصيّة (خ ل).
(**) وقال الشهيد في «قواعده» كلّ حكم شرعيّ يكون الغرض الأهمّ