كالعذر بسبب العقل ، أو حريق النار ، وقد يكون حسن العذاب رحمة ، كما نقول في حريق النار هو نقمة للكفار والفساق ، ونعمة على زبانية النار ، من الملائكة الأبرار ، وكذلك زوال العقل بالسكر نقمة وعقوبة ، وزواله بالنوم نعمة ورحمة ، فتفهم ذلك ، وعرّفه المحقق ، فالسكر يضاف إلى الخمر في اللغة حقيقة ؛ لأنها سببه الاعتيادي ، وحاصلة معه أو عقيبه وذلك جائز ، ولا فاعل لها طعمها وريحها وحدتها إلا الله ، وقد سمعنا منهم وقت مناظرتهم أنا نقول : يخلق الباري النجس ، قلنا : نعم ، التنجيس والتطهير حكم يلزم فعله تعالى ، فالميتة فعله وهي نجس والدم وهو كذلك ، وقد ردّ سبحانه النجس طاهرا ، والطاهر نجسا بقدرته ، ولا اعتراض عليه ، فالمني نجس ، فإذا خلقه إنسانا كان حكمه الطهارة ، أو حيوانا مخصوصا كالبهائم والسباع إلا الكلب والخنزير ، فما في هذا من العجب ، وكذلك يرد الميتة سبحانه والنجس طاهر بأن تبدل حالته الأولى بحالة ثانية كالميتة تزد بها ملحا ، فأما ما ذكر من الحقيقة والمجاز ، فذلك يرجع إلى استعمال أهل اللغة أو الشرع ، اللفظة فإذا كثر لم يمتنع أن تعود الحقيقة مجازا كما يقول في المكان المطمئن من الأرض ، كان يسمى غائطا على الحقيقة فلما كثر قضاء الحاجة المخصوصة فيه سموه غائطا ، وصار لفظ الغائط حقيقة فيها ومجازا في الأول ، فإن قيل : وكيف يستحق الذم على السكر وهو فعل الله سبحانه؟
قلت : لأنه في الحكم كأنه من قبل المتعبد لارتكابه المحظور ، وإلا فقبل التعبد بتحريم الخمر.
كان أهل الملتين في استقامتهما اليهود والنصارى يسكرون فلا يذمون