ذلك برأي الإمام أو واليه أو برأي نفسه فإن فعل برأي الإمام أو واليه فقد أصاب ولا ضير عليه ولا حرج ، فقد قال تعالى : (وَلَوْ رَدُّوهُ إِلَى الرَّسُولِ وَإِلى أُولِي الْأَمْرِ مِنْهُمْ لَعَلِمَهُ الَّذِينَ يَسْتَنْبِطُونَهُ مِنْهُمْ) [النساء : ٨٣] ، وإن فعل ذلك برأي نفسه فذلك لا يخلصه ولا يجوز له ، فإن أمر ببعض فلا يخلص إلا منه على وجده وذمته ملزومة بما فوقه ، ولا يجوز لفقراء الزيدية ولا غيرهم تناوله إن كانوا على الحق إلا برأي الإمام أو واليه.
وأما قوله : قد دارى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وعد الذين داراهم فيفيد ما نحن فيه لأنه نسي أن للرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم ولاية على الجميع ، وهو يعمل بأمر الله عزوجل فلا اعتراض عليه ، وهذا الذي ذكر كمثل النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فيجوز له ما يجوز للنبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ وإنما فرضه أن يرجع إلى إمامه أو واليه فما أمر به فعله وليس الأمر شدا ، ولا يترك الله عباده فوضى ، بل قد جعل لهم ولاة يرجعون إليهم فيما يأتون ويذرون.
وأما زمن الحسن عليهالسلام فإنه إن اضطر إلى المدارة لعدم الأعوان وعصت الشيعة كما عصى غيرها من الناس فأداها لهم في الأطراف الذي أفسده الأوساط ، وهل هذه الحجة إلا كحجة من يجيز أن يتسلم إلى العدو إذا بعثه الإمام لقتاله كما يحتج بما فعله عبيد الله بن العباس فإنه استسلم إلى معاوية وأعطاه مائة ألف ، ولا يحتج بالواقع فيما مضى فقد يقع القبيح كما يقع الحسن ، وإنما يحتج بالصواب والحق وذلك ليس بصواب ولا حق ، فإن وقع من الشيعة فليسوا معصومين عن الخطأ ، فأما الأئمة عليهمالسلام فتجوز لهم المهادنة والمداراة عن الأمة إذا رأوا ذلك صوابا لثبوت الولاية لهم على الأمة ، وليس هذا لآحاد الأمة لأنها إذا فعلت ذلك كانت خاذلة عاصية ، فتفهّم ذلك موفقا.