وأما قوله : إن فعل العبد لو حل غيره لكان الشرك حالا في رأس أمير المؤمنين ، وهذا جهل من هذا المدقق بلغة العرب ومعاني العدل ، لأن الظالم اسم لمن فعل الظلم لا لمن حله ، واسم صاحب المحل مظلوم متصرف بين فعيل ومفعول تقول : ضريب ومضروب وقتيل ومقتول ، واسم الفاعل ظالم والمفعول فيه مظلوم ، وقد قال علي عليهالسلام : وأي عار على المؤمن أن يكون مظلوما في كتاب له إلى معاوية فيه بعض الطول ، وميلنا إلى الاختصار.
وأما دليله الآخر فلقد نوع الأدلة شغله الله تنويع أهل المعرفة وهو لا يعرف حقائقها ، ولا لوازمها ، ولا شروطها ، ولكن خلا له الجو فجال في الميدان ، وهو ما ذكر من جماعة حذفوا المنجنيق فمه يا مدقق قل : فشجوا رجلا شجة فقد ألححت في إضافة الفعل إليهم ، وشج الله رجلا فلم نذمهم نحن ولم نعذبهم على فعله ولم نعظم الشجة بعظم الجذب وتصغر بصغره ، وإنما وجد هذه الشبهة لمن يجوز حصول مقدور بين قادرين فظنها أنها في نفي المتولدات عن الفاعلين وليس كذلك ، ودليل مقدور بين قادرين موضعه غير هذا ، غير أنا نقول على وجه الإجمال إن الفعل الحادث من حجر المنجنيق هو أكثر من مقدور واحد ، والفعل الحادث في المشجوج أكثر من مقدور واحد بل هو مقدورات بعدد قدر القادرين ، لا يعلمها مفصلة إلا الله سبحانه إلا أن الحكم يلزمهم على السواء كما تقول في المقتول لو ضربه أحد القاتلين ضربة والآخر أكثر أن الكل مستو في حكم القتل.
فأما فيما يتعلق بالعوض فإنما يؤخذ كل واحد منهم بما يعلمه الله سبحانه أنه يخصه من ذلك الفعل.