فأما قوله : إذا جاز في فعل أن يحصل بغير إرادة جاز في سائر الأفعال.
قولنا له : ما الطريقة الرابطة بينهما؟ هل هذا إلا كقول من يقول : إذا وجد الفعل الدال على علم الفاعل محكما وجب في كل فعل ألا يكون إلا محكما ، أو يجوز حصول المحكم من غير عالم ، قلنا : هذا لا يلزم لأن وقوع الفعل على وجه دون وجه دليل الإرادة ، ووقوعه على وجه الإحكام دليل العلم ، ومجرد وجوده دليل القدرة ، فتفهم ذلك إن كنت ممن يفهم ، وكذلك قوله إذا جاز وجود الإرادة وهي عرض لا في محل جاز ذلك في كل عرض ، قلنا : وما الطريقة الرابطة نبئوني بعلم إن كنتم صادقين؟ أفليس الدليل قد دل على وجوب إرادة الباري سبحانه وتعالى عن ذلك؟ وسواه باطل أن يحله لأنه ليس بمحل ، وباطل أن يحل غيره لأن الغير جسم أو عرض ، لأن القسمة فيه دائرة لأن الغير لا يخلو إما أن يشغل الحيز عند الوجود أو لا يشغله ، فإن شغله فهو الجسم ، وإن لم يشغله فهو العرض ، وباطل أن يكون جسما ، لأنه لا يخلو إما ان يكون حيوانا أو غير حيوان وهو الجماد باطل أن يحل جمادا ؛ لأنه كان يؤدي إلى أن يرتفع الاختصاص وإلى أن ينفصل وجودها عن عدمها ، وما أدى إلى أن ينفصل وجود الشيء عن عدمه فهو محال ، وباطل أن يحل حيوان ، لأنها كانت بأن توجب له أولى من الباري سبحانه وذلك محال فنفى وجودها لا في محل ، ولا إنكار على من قال ذلك لأن السماوات والأرض إرادة الباري ومراده ، وهما لا في محل ، وما قلنا ذلك إلا للدليل ، فإذا يجب اتباع الدليل ولا يجوز ذلك في سائر الأعراض لأن أحكامها لا تثبت إلا بالحلول ، فالمحل واجب بصحة الوجود ومتعذر بل مستحيل خلافه لأنه يؤدي إلى أن لا يفصل وجود الشيء عن عدمه ، وما أدى إلى ذلك فهو محال.