وسأل أيده الله : في قصة الخنساء (١) وكلامها لعائشة ، وقول عائشة لها : نهى رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم عن لبس الصدار للمرأة فهل يكون لبسها محظورا؟
الجواب عن ذلك : أنهم كانوا يتخذون عند نزول المصائب بهم صدارا من شعر الماعز سوداء يسمونه الحداد ، ولبسها محظور لذلك ، فإن لبست لحاجة جاز ، وإن لبست لعادة فخبر كثير.
وسأل أيده الله : عن منام الرجل الأنصاري الذي حكى فيه الأذان وأن الهادي عليهالسلام أنكر ذلك كيف الكلام فيه (٢)؟
الجواب عن ذلك : أن رؤية الرجل الأنصاري للأذان مروي رواية صحيحة ، وإنكار الهادي عليهالسلام مستقيم لأن أصول الدين وقواعد الشريعة لا تكون مناما ، وعندنا أن منام ذلك الأنصاري وافق الوحي ، فكان الحكم للوحي دونه ، كما في حديث تحريم مكة حرسها الله ، أن لا يعضد شجرها ، ولا ينفر صيدها ، ولا يختلى خلاها ، فلما بلغ صلىاللهعليهوآلهوسلم هذا الحد قال عمه العباس : يا رسول الله إلا الإذخر فإنه للأحياء وقبورنا وبيوتنا ، فقال : «إلا الإذخر» ، فعندنا أن رأي العباس رضي الله عنه وافق الوحي لأن الوحي رجع إليه.
__________________
(١) تماضر بنت عمرو بن الحارث بن الشريد ، الرباحية ، السلمية ، (الخنساء) توفيت سنة (٤٢ ه) وهي من بني سلم بن قيس بن غيلان ، من مضر ، أشعر شواعر العرب ، وأشهر هن على الإطلاق ، من أهل نجد ، عاشت أكثر عمرها في العصر الجاهلي ، وأدركت الإسلام فأسلمت ، وفدت على رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم مع قومها فكان يستنشدها ، ويعجبه شعرها ، أكثر شعرها وأجوده رثائها لأخويها معاوية ، وصخر ، وكانا قد قتلا في الجاهلية ، وكان لها أربعة أولاد شهدوا حرب القادسية سنة ١٦ ه ، فجعلت تحرضهم على الثبات حتى قتلوا جميعا. فقالت : الحمد لله الذي شرفني بقتلهم ، لها ديوان شعر مطبوع فيه ما بقي محفوظا من شعرها.
المصادر / الأعلام ٢ / ٨٦ ، ومنه الشعر والشعراء ١٤٣ ، وأعلام النساء ١ / ٣٠٥ ، وخزانة البغدادي ١ / ٢٠٨ ، جمهرة الأنساب ٤٩.
(٢) قال الإمام الهادي يحيى بن الحسين في الأحكام ١ / ٨٤ : والأذان فأصله أن رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم علمه ليلة المسرى أرسل الله إليه ملكا فعلمه إياه فأما ما يقول به الجهال من أنه رؤيا رآها بعض الأنصار فأخبر بها النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم فأمره أن يعلمه بلالا فهذا من القول محال لا تقبله العقول ، لأن الأذان من أصول الدين وأصول الدين لا يعلمها رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم على لسان بشر من العالمين.