أولها : التمكين للمكلفين ، والبيان للمخاطبين ، واللطف للمتعبدين ، والثواب للمطيعين ، والعوض للمؤمنين ، وقبول توبة التائبين ، وقد كان قولهم والثواب للمطيعين يكفي ؛ لأن التوبة أكبر من الطاعة ، وإثابة الله تعالى للتائب هدم ما تقدم التوبة وزيادة ، وهل الحكم من الله سبحانه يسمى ثوابا ، وهل قبول الله تعالى للتوبة ما تقدم ذكره من الإثابة؟
اعلم أيدك الله سبحانه : أن خطاب الله سبحانه وتعالى ، وخطاب رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وكلام الأئمة والعلماء ، يحمل على حقائق اللغة وصريحها ، وشرحها يطول لأنها تنقسم ولا تحمل على المجاز إلا لضرورة ، حفظا للخطاب من الضياع ، والإهمال. والثواب في اللغة هو النفع الخالص الذي يقع في مقابلة الفعل فإن لم يتقدمه فعل لم يكن ثوابا ، وأصله الرجوع. يقال : تاب إليه عقله إذا رجع ، والتوبة في الأصل رجوع مخصوص ؛ وقلنا مخصوص لأنه ليس كل رجوع توبة لأن الراجع في الراجع بالمعصية لا يكون تائبا ، وإنما هو الرجوع عن القبيح على شرائط : منها : الندم على ما فات ، والعزم على أن لا يعود فما لم يكن كذلك فليس بتوبة ، وقبول التوبة واجب على الله سبحانه لأنه بمنزلة الاعتذار من الذنب ، وقد علمنا بعقولنا أنه إذا صح لنا عذر المعتذر قبح منا أن لا نقبله ، فكيف بالله سبحانه ، وقبول التوبة هو إسقاط الذنب المتقدم باعتذار العبد إلى ربه ، وعلمنا أنها أعظم الطاعات بأدلة أخر ؛ لأنا نعلم وجوب القبول وإن لم تخطر الزيادة بالبال ، وليس القبول من الثواب في شيء لغة ولا عرفا ، لأن قبول التوبة أن لا يأخذه بما تقدم ، والثواب هو النفع المستحق على وجه الإجلال والتعظيم ؛ فإن كان في التوبة ما ذكر من