لأنه لما ظفر بالربيعة وأخذ حصنه المعروف بجبل تلمص (١) أخذ أصحابه يومئذ منه أثاثا عظيما وسلاحا ومتاعا وأمر بقطع الأعناب ولم يقطع الشجر على عهد الرسول صلىاللهعليهوآلهوسلم إلا على الكافر ، وقد قسنا الفاسق على الكافر في الأحكام ، فما المانع من قياسه عليه في الأحكام الشرعية إلا ما خصه الدليل ، وقد رأيت ما يخصص الدليل أنه يتبع رأي صاحب الولاية لأن الغرض قطع مادة الفسق والعدوان فما أداه نظره إليه فعله متحريا رضى الله سبحانه ، ولما ظهر الهادي عليهالسلام على بني الحارث (٢) وهرب ابن حميد أمر بقطع نخيله لما تألبت أوباشه ، فسأله بنوا الحارث أن يهب نخيله فقال عليهالسلام : أما النخيل فأهبه لكم وأنا أطلب نفسه وإبله فإن ظفرت بذلك فلا لوم علي لكم ، وعبد الله بن الحسين عليهالسلام هجم صرم على بني الحماس من بني الحارث ، فاكتسح أموالهم وبيوتهم ، وكذلك أغنام المهاذر وأبقارهم وإبلهم وعبيدهم من أقعتين قسمها الهادي عليهالسلام أخماسا أربعة بين الغانمين وخمسا له ، فلما سقطوا عليه تألفهم بالخمس ورده عليهم ، وأمثال هذا كثيرة ، وإذا بقي للفساق جواز المناكحة والموارثة والقبر في مقابر المسلمين وصيانة الذرية فهذه أحكام كثيرة قد بقيت للتفرقة ، فلولا إجماع السلف الصالح من الأئمة لأجرينا عليهم حكم الكفار عموما.
وأما القول في أراضيهم فلست أرى بجواز تغميمها لأن السلف لم يؤثر عنهم ذلك كما أثر في سائر الأموال كما قدمنا ؛ ولأن الظهور إذا وقع عليهم بطل انتفاعهم بها إلا مع الطاعة بخلاف المنتقلات ، وللإمام أن يمنعهم من
__________________
(١) هو حصن في بلاد سحار من أعمال صعدة ، ذكره في مجموع بلدان اليمن وقبائلها ج ١ ص ١٥٥.
(٢) في اليمن ، بلدان تسمى ببني الحارث ، منها بنو الحارث في نجران وهذه هي المقصودة في الكتاب ، وبنو الحارث عزلة معروفة من بلاد يريم ، وآل الحارث من قبائل رداع وآل بالحارث من قبل بيحان ، وناحية بني الحارث من نواحي صنعاء. انظر مجموع بلدان اليمن وقبائلها ج ١ ص ٢٠٨.