مسألة قوله تعالى : (وَاشْدُدْ عَلى قُلُوبِهِمْ فَلا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذابَ الْأَلِيمَ) [يونس : ٨٨] ، كيف يجوز للنبي أن يدعو بذلك ، وكيف يجوز من الله سبحانه وتعالى أن يجيب من دعاه بذلك؟
الكلام في ذلك : أن الدعوة لم تقع إلا على من علم الله سبحانه أنه لا لطف له ولا رجعة ، فدعا النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بما هو الواجب عقوبة من الله تعالى ، وأما إجابة الباري فهو أجاب فيما يفعله تعالى ، والإجابة تكريما وتشريفا ، كما تشفع الملائكة فيمن ارتضاه لزيادة المنازل ورفع الدرجات فهو تعالى لم يجب إلا فيما يجوز أن يفعله ، ويلزم في الحكمة فعله من تعذيب عذابه لأنه لو لم يعذبهم لكان ذلك إغراء بالمعاصي ولما يتميز الولي من العدو ، ولكان تمكينا للظالمين من الظلم الذي لم يقع في مقابلته الجزاء ظلم ، والله يتعالى عن ذلك كله.
مسألة في قوله تعالى : (وَإِذْ يُرِيكُمُوهُمْ إِذِ الْتَقَيْتُمْ فِي أَعْيُنِكُمْ قَلِيلاً وَيُقَلِّلُكُمْ فِي أَعْيُنِهِمْ) [الأنفال : ٤٤] ، كيف يصح رؤية البعض دون البعض والحال واحدة؟
الكلام في ذلك : أن الله تعالى صرف الشعاع عن بعض المقاتلين ، ولم يصرفه عن بعضهم ، وصورة الحال فيه أن يجعل بين المقابل وبين الناظر حائلا لطيفا على حد ما يمنع نفوذ البصر ويجلي جهة من يريد إدراكه ، وقولنا للمجبرة والمشبهة ومن يثبت الرؤية لا يجوز أن يكون على أيدينا ولا نراه بشرط ارتفاع الموانع ، وهم لا يثبتون بيننا وبين الباري تعالى لأن ذلك يوجب كونه جسما ، وهم لا يتجاسرون على إطلاق ذلك وإن كان يلزمهم.
مسألة في قوله تعالى : (مَنْ كانَ يُرِيدُ الْحَياةَ الدُّنْيا وَزِينَتَها نُوَفِّ إِلَيْهِمْ أَعْمالَهُمْ فِيها وَهُمْ فِيها لا يُبْخَسُونَ) [هود : ١٥] ، ما الذي يوفيهم إن كان جزاء أعمالهم الصالحة ، فكيف يوفيهم إياه وهو منحط ، ولأن الثواب يستحق خالصا على