والرابع : الكلام في أحكامه.
أما الوقف فهو : الحبس من التصرف على الوجوه المعتادة لا فرق في قولهم وقفت فلانا عن كذا ، وبين قوله حبسته ، ومنه الوقف من السير ومن التصرف ، والوقف في الإعراب : المنع من الحركات ، وقالوا وقف فلان دابته في موضع كذا وكذا فهذا معناه في الأصل ، ثم صار بالنقل الوقف على غرض الواقف من غير تصرف بخلاف مراده ، وسواء كان ذلك طاعة أو معصية ، حقا أو باطلا ، تصرفا أو إمساكا ، فقال وقف ماله على المعصية ، كما يقال وقفه على الطاعة وعلى المحق كما يقال وقفه على المبطل ، ثم صار بالشرع يفيد حبسا مخصوصا على وجه مخصوص ، وهو كل أمر يقرب إلى الله تعالى ، فكل حبس على وجه القربة فهو وقف شرعي صحيح ، وكل حبس لا على وجه القربة فليس شرعي ولا صحيح.
وأما الدليل على جوازه فقول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «إن خالدا حبس أدراعه وأفراسه في سبيل الله» (١) فأسقط الصدقة بذلك وصارت ملكا لله تعالى لا لأحد ، وإجماع الصحابة على ذلك ، من ذلك فعل علي عليهالسلام في ينبع ووادي القرى ، وفعل عمر في ملكه في خيبر ، وفعل عثمان في بئر رومة ؛ فلم ينكر ذلك أحد من الصحابة فكان إجماعا.
وأما أنواعه فهو ينقسم إلى مشاع وغير مشاع ؛ والمشاع ينقسم إلى ما يتأتى فيه القسمة وما لا يتأتى.
وأما الكلام في أحكامه فاعلم أن حكم الوقف : الخروج من ملك مالكه
__________________
(١) حديث إن خالدا حبس أدراعه وأفراسه. ذكره في موسوعة أطراف الحديث النبوي ٣ / ٣١١ بلفظ : إن خالدا قد احتبس أدراعه وأعواده. وعزاه إلى ابن عساكر ٧ / ٢٣٨ (تهذيب تاريخ دمشق).