وعنه صلىاللهعليهوآلهوسلم : «في كل خلف من أهل بيتي عدول ينفون عن هذا الدين تحريف الغالين وانتحال المبطلين وتأويل الجاهلين» ، حرم الجنة على من أبغضهم بأمر الله ، وحكم بالكفر على من شتمهم بوجه فقال فيما رويناه عنه بالإسناد الموثوق به : «من كان في قلبه مثقال حبة من خردل عداوة لي ولأهل بيتي لم يرح رائحة الجنة» ، وقال فيما أوجب به لنا الحجة ، وأكمل علينا المنة مصرحا فينا ولنا : «قدموهم ولا تقدموهم ، وتعلموا منهم ولا تعلموهم ، ولا تخالفوهم فتضلوا ، ولا تشتموهم فتكفروا» (١) جعلنا الشهداء على عباده ، والأمناء في بلاده ، والحكام على خلقه ، (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ فَقَدْ آتَيْنا آلَ إِبْراهِيمَ الْكِتابَ وَالْحِكْمَةَ وَآتَيْناهُمْ مُلْكاً عَظِيماً) [النساء : ٥٤].
أما بعد .. فإن المفتون المغبون من نازع في الأمر أهله ، ونافس الفضل محله ، ويرجم من قعر بئر لثلم شمارخ بثبير ، يتنكب منهاج السلامة بزعمه ليسلم ، ويقبل قول من لا يعلم فيمن يعلم ، يطلب الأمن بهتك حرمة الإيمان ، ويستفتح الربح من طريق الخسران ، فكان كمهريق الماء لضحضاح السراب والمستبدل بالصارم أخلاق القراب ، ونابح البدر تأسيا بالكلاب.
ما ضر تغلب وائل أهجوتها |
|
أم بلت حيث تناطح البحران |
__________________
(١) قدموهم ولا تقدموهم ...
أخرجه محمد بن سليمان الكوفي في كتابه مناقب أمير المؤمنين بلفظ : «أوصيكم بأهل بيتي خيرا فقدموهم ولا تقدموهم وأمروهم ولا تأمروا عليهم» وهو في شرح (الرسالة الناصحة بالأدلة الواضحة) للمؤلف وفي مقدمة كتاب (الشافي) ١ / ١٦ ، وقد نقله العلامة أحمد بن إبراهيم الشرفي في مقدمة تفسير المصابيح ص ٥٣ طبعة أولى ، وله شاهد من آخر حديث الثقلين أورده الطبراني في الكبير ٥ / ١٦٦ ، قال بعد حديث طويل: «لن يتفرقا حتى يردا عليّ الحوض وسألت عن ذلك لهما ربي فلا تقدموهما فتهلكوا ولا تقصروا عنهما فتهلكوا ولا تظلموهم فإنهم أعلم منكم ثم أخذ بيد علي فقال : من كنت مولاه ...» الخ وهو في مجمع الزوائد ٩ / ١٦٤.