بسم الله الرحمن الرحيم
وصلى الله على محمد وآله
الحمد لله الذي بدوام حمده استحق من العباد حمده ، وبإخلاص عبادته أصاب المتعبد رشده ، وصلى الله على النبي المنتجب ، وعلى ذريته أئمة العجم والعرب.
أما بعد :
فإن حق الوالد على الولد يترتب على قيام الوالد بحق الولد ، قال الله تعالى : (وَقُلْ رَبِّ ارْحَمْهُما كَما رَبَّيانِي صَغِيراً) [الإسراء : ٢٤] ، فوجوب الرحمة عليهما فرع على تقدم التربية منهما ، وقال تعالى : (حَمَلَتْهُ أُمُّهُ كُرْهاً وَوَضَعَتْهُ كُرْهاً وَحَمْلُهُ وَفِصالُهُ ثَلاثُونَ شَهْراً) [الأحقاف : ١٥] ، وقال تعالى : (وَالْوالِداتُ يُرْضِعْنَ أَوْلادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كامِلَيْنِ لِمَنْ أَرادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضاعَةَ) [البقرة : ٢٣٣] ، وفي الحديث : «بروا أولادكم تبركم أبناؤكم ، وعفوا تعف نساءكم».
وعلى الوالد لولده تحسين اسمه ، وتحسين لقبه ، وأن يختار له من الأمهات ما لا يعاب بها ، وإذ قد تقرر من هذه القاعدة ما تقرر فقد رأيت أن الذي يلزم الوالد للولد هو مقدم على ما يلزم الولد للوالد ، فإن لم يقم الوالد بما يلزمه من ذلك كان عقوق الولد له قصاصا وجفوته ثأرا ، فمتى أرضعته الأم وأحسنت الغذاء بنهاية جهدها ، ونظفت الولد من أقذاره وأدرانه ، وقامت بما