المنفعة وليس هو من مذهبه ، فإن الملطوف فيه يجوز أن لا يكلفه رأسا ، فكيف اللطف المقرب إليه!!
قال : ولم أعقل في تكليفها في أول الوقت إلا أنها إما أن تكون يراعى بها ، فإن بلغ المكلف آخر الوقت وهو على صفة المكلفين كان ما أتى به واجبا أو مسقطا للواجب ، وإن انصرم أو زال قبل إدراك عقله فهي نفل ، أو يقال : إنها لطف ، كل جزء منها لطف فيما يليه من أجزائها ، وهو قوي من جهة النظر ، إذ فيه تكاليف عقلية يجب إخطارها بالبال عند الإتيان بالصلاة ، غير أن الإجماع قد منع من ذلك والآية الشريفة : (إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَالْمُنْكَرِ) [العنكبوت : ٤٥] ، فأخبر أنها لطف في الإخلال بها؟
والجواب عمّا سأل عنه : أنّ هذه المسألة على تنوّع الوجوه التي ذكرت مستقيمة على قولنا ، بحيث لا سبيل إلى دخول خلل في معانيها مما ذكره من الاعتراض ؛ لأن اعتراضه لا يصحّ إلا بقصر حقيقة أو تسليم خصم وكل ذلك غير مستقيم ، فذكر الواجب المخيّر ، ومثّل ذلك بالصلاة في أول الوقت ووسطه وآخره ، وقال : هل ينوي المكلف الوجوب قطعا أم لا؟ فألزم على ذلك ما لم يقل ، وحقيقة الواجب عندنا : هو ما للإخلال به مدخل في استحقاق الذم على بعض الوجوه ، واحترزنا بقولنا : على بعض الوجوه ، من واجب الكفاية ، والواجب المخيّر.
وقوله : هل يعتقد الوجوب في أول الوقت قطعا؟
فجوابنا : نعم ، وهو قبل الدخول فيه غير مضيق عليه في تأديته ، فإذا شرع فيه فقد ضيّق على نفسه الموسّع كان له القطع ونية تأدية الواجب.