وبما رواه عبد الأعلى في الرجل يريد السفر في شهر رمضان ، قال : « يفطر وإن خرج قبل أن تغيب الشمس بقليل » (١) .
والآية مخصوصة بالخبر الذي رويناه . والحديث ضعيف السند ومقطوع .
وأمّا العامة فنقول : المسافر عندهم لا يخلو من أقسام ثلاثة :
أحدها : أن يدخل عليه شهر رمضان وهو في السفر ، فلا خلاف بينهم في إباحة الفطر له (٢) .
الثاني : أن يسافر في أثناء الشهر ليلاً ، فله الفطر في صبيحة الليلة التي يخرج فيها وما بعدها في قول عامة أهل العلم (٣) .
وقال عبيدة السلماني وأبو مجلز وسويد بن غفلة : لا يفطر مَن سافر بعد دخول الشهر ؛ لقوله تعالى : ( فَمَن شَهِدَ مِنكُمُ الشَّهْرَ فَلْيَصُمْهُ ) وهذا قد شهده (٤) .
ولا حجّة فيها ؛ لأنّها متناولة لمن شهد الشهر كلّه ، وهذا لم يشهده كلّه .
ويعارض بما روى ابن عباس ، قال : خرج رسول الله صلّى الله عليه وآله عام الفتح في شهر رمضان فصام حتى بلغ الكديد (٥) فأفطر وأفطر الناس (٦) .
الثالث : أن يسافر في أثناء اليوم من رمضان ، فحكمه في اليوم الثاني حكم مَن سافر ليلاً .
وفي إباحة فطر اليوم الذي سافر فيه قولان :
أحدهما : أنّه لا يجوز له فطر ذلك اليوم ـ وهو قول مكحول والزهري ويحيى الأنصاري ومالك والأوزاعي والشافعي وأصحاب الرأي وأحمد في
__________________
(١) التهذيب ٤ : ٢٢٩ / ٦٧٤ ، الاستبصار ٢ : ٩٩ ـ ١٠٠ / ٣٢٤ .
(٢ ـ ٤) المغني ٣ : ٣٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٢١ ، والآية ١٨٤ من سورة البقرة .
(٥) الكديد : موضع بالحجاز على اثنين وأربعين ميلاً من مكة . معجم البلدان ٤ : ٤٤٢ .
(٦) صحيح البخاري ٣ : ٤٣ ، صحيح مسلم ٢ : ٧٨٤ / ١١١٣ .