مسألة ٢١٥ : يجوز للمعتكف أن يخرج في حاجة أخيه المؤمن ؛ لأنّه طاعة فلا يمنع الاعتكاف منه .
ولما رواه الصدوق ـ رحمه الله ـ عن ميمون بن مهران ، قال : كنت جالساً عند الحسن بن علي عليهما السلام ، فأتاه رجل فقال له : يا ابن رسول الله إنّ فلاناً له عليَّ مال ويريد أن يحبسني ؛ فقال : « والله ما عندي مال فأقضي عنك » قال : فكلّمه فلبس عليه السلام نعله ، فقلت له : يا ابن رسول الله أنسيت اعتكافك ؟ فقال : « لم أنس ولكني سمعت أبي يحدّث عن رسول الله صلّى الله عليه وآله ، فقال : مَنْ سعى في حاجة أخيه المسلم فكأنّما عَبَدَ الله عزّ وجلّ تسعة آلاف سنة صائماً نهاره قائماً ليله » (١) .
مسألة ٢١٦ : قال الشيخ رحمه الله : يجوز أن يخرج ليؤذّن في منارة خارجة عن المسجد وإن كان بينه وبين المسجد فضاء (٢) ؛ ولا يكون مبطلاً لاعتكافه ؛ لأنّ هذه المنارة بُنيت للمسجد وأذانه ، فصارت كالمتّصلة به .
ولأنّ الحاجة قد تدعو إلى ذلك بأن يكون مؤذّن المسجد وقد عرف الجيران صوته ووثقوا بمعرفته بالأوقات ، فجاز ذلك .
وقال الشافعي : إن لم يكن بابها في المسجد ولا في رحبته المتّصلة به ، ففي بطلان اعتكاف المؤذّن الراتب بصعودها للأذان وجهان .
ولو خرج إليها غير المؤذّن الراتب للأذان ، فإن أبطلنا اعتكاف الراتب فإبطال هذا أولى ، وإلّا فقولان مبنيّان على أنّها مبنيّة للمسجد ، فتكون معدودةً من توابعه ، فلا يبطل اعتكافه ، أو أنّ الراتب قد اعتاد صعودها للأذان ، واستأنس الناس بصوته ، فيبطل هذا (٣) ؛ لفقد هذا المعنى فيه (٤) .
__________________
(١) الفقيه ٢ : ١٢٣ ـ ١٢٤ / ٥٣٨ .
(٢) الخلاف ٢ : ٢٣٥ ، المسألة ١٠٦ ، والمبسوط للطوسي ١ : ٢٩٤ .
(٣) أي : اعتكاف المؤذّن غير الراتب .
(٤) المجموع ٦ : ٥٠٦ ، فتح العزيز ٦ : ٥٣٠ ـ ٥٣١ .