في فاسدها ، فلم تفسد بنية الخروج منها كالحج (١) .
وهو غير مطّرد في غير رمضان . والقياس باطل ؛ لأنّ الحجّ يصحّ بالنية المطلقة والمبهمة وبالنية عن غيره إذا لم يكن حجّ عن نفسه ، فافترقا .
ولو عاد بعد أن نوى الإِفطار ولم يفطر فنوى الصوم ، فإن كان ذلك بعد الزوال ، لم يصح عوده إجماعاً ؛ لفوات محلّ النية .
وإن كان قبله ، أجزأه على قول بعض علمائنا (٢) ـ وبه قال أبو حنيفة (٣) ـ لأنّ الصوم يصح بنية من النهار .
وأمّا صوم النافلة ، فإن نوى الفطر ثم لم يَنو الصوم بعد ذلك ، لم يصح صومه ؛ لأنّ النية انقطعت ولم توجد نية غيرها ، فأشبه مَن لم يَنو أصلاً .
وإن عاد فنوى الصوم ، صحّ صومه ، كما لو أصبح غير ناوٍ للصوم ؛ لأنّ نية الفطر إنّما أبطلت الفرض ؛ لما فيه من قطع النية المشترطة في جميع النهار حكماً ، وخُلوّ بعض أجزاء الزمان عنها ، والنفل بخلاف الفرض في ذلك ، فلم تمنع صحته نية الفطر في زمن لا يشترط وجود نية الصوم فيه .
ولأنّ نية الفطر لا تزيد على عدم النية في ذلك الوقت ، وعدمها لا يمنع صحة الصوم بعده ، بخلاف الواجب ، فإنّه لا تصحّ نيته من النهار .
والأصل فيه أنّ النبي صلّى الله عليه وآله ، كان يسأل أهله هل من غذاء ؟ فإن قالوا : لا ، قال : ( إنّي إذن لصائم ) (٤) .
تذنيب : لو نوى أنّه سيفطر ساعة اُخرى ، فالأقرب : أنّه بخلاف نية
__________________
(١) المغني ٣ : ٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١ .
(٢) المحقق في شرائع الإِسلام ١ : ١٨٨ .
(٣) المغني ٣ : ٥٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٣١ .
(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٠٩ / ١٧٠ ، سنن الترمذي ٣ : ١١١ / ٧٣٣ و ٧٣٤ ، مسند أحمد ٦ : ٢٠٧ ، وأورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٥٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٢ .