وإحرام الحجّ آكد من الشروع هنا ، ولهذا لا يخرج منه باختياره ولا بإفساده .
إذا عرفت هذا ، فإنّ جميع النوافل من سائر العبادات لا تجب بالشروع فيها إلّا الحج والعمرة ؛ فإنّهما يجبان بالشروع فيهما ؛ لتأكّد إحرامهما .
ولعموم قوله : ( وَأَتِمُّوا الْحَجَّ وَالْعُمْرَةَ لِلَّـهِ ) (١) .
وعن أحمد رواية : أنّه لا يجوز قطع الصلاة المندوبة ، فإن قطعها قضاها (٢) .
وليس بجيّد ؛ لأنّ ما جاز ترك جميعه جاز ترك بعضه كالصدقة .
أمّا لو دخل في واجب ، فإن كان معيّناً ـ كنذر معيّن ـ لم يجز له الخروج منه ، وإن كان مطلقاً ـ كقضاء رمضان أو النذر المطلق ـ فإنّه يجوز الخروج منه ، إلّا قضاء رمضان بعد الزوال .
مسألة ١٥٤ : كلّ صوم يلزم فيه التتابع إلّا أربعة : صوم النذر المجرّد عن التتابع وما في معناه من يمين أو عهد ؛ لأصالة البراءة . وصوم قضاء رمضان ، وصوم جزاء الصيد ، وصوم السبعة في بدل الهدي .
أمّا ما عدا هذه الأربعة ، كصوم كفّارة الظهار والقتل والإِفطار وكفّارة اليمين وأذى حلق الرأس وثلاثة أيام الهدي ؛ فإنّه يجب فيها التتابع .
قال الصادق عليه السلام : « صيام ثلاثة أيام في كفّارة اليمين متتابعاً لا يفصل بينهن » (٣) .
مسألة ١٥٥ : مَنْ وجب عليه صوم شهرين متتابعين إمّا في كفّارة أو نذر أو شبهه إذا أفطر في الشهر الأول أو بعد انتهائه قبل أن يصوم من الشهر الثاني
__________________
(١) البقرة : ١٩٦ .
(٢) المغني ٣ : ٩٣ ، الشرح الكبير ٣ : ١١٥ .
(٣) الكافي ٤ : ١٤٠ / ٢ ، التهذيب ٤ : ٢٨٣ / ٨٥٦ ، وفيهما : « متتابعات » بدل « متتابعاً » .