ولأنّ المساجد لم تُبْنَ لهذا ، وهو ممّا يستخفى (١) به ، فوجب صيانة المسجد عنه ، كما لو أراد أن يبول في أرضه ثم يغسله .
وقال بعض الحنابلة : يُمنع من الفصد والحجامة فيه ؛ لأنّه إراقة نجاسة في المسجد ، فلم يجز ، كما لو أراد أن يبول في أرضه ثم يغسله .
ولو دعت الحاجة الشديدة إليه ، خرج من المسجد وفَعَله ، وإن استغنى عنه ، لم يكن له الخروج الذي يمكن احتماله (٢) .
والوجه : جوازه ؛ لأنّ المستحاضة يجوز لها الاعتكاف ، ويكون تحتها شيء يقع فيه الدم .
قالت عائشة : اعتكفَتْ مع رسول الله صلّى الله عليه وآله ، امرأة من أزواجه مستحاضة ، فكانت ترى الحمرة والصفرة ، وربما وَضَعْنا الطست تحتها وهي تصلّي (٣) .
مسألة ١٨٩ : السكر والردّة إن قارنا ابتداء الاعتكاف ، منعا صحّته ؛ إذ لا نيّة لهما . وكذا الإِغماء والجنون .
ولو ارتدّ في أثناء الاعتكاف ، فالوجه عندي بطلان الاعتكاف ؛ خلافاً للشيخ (٤) .
وقال الشافعي في الاُمّ : إنّه لا يبطل اعتكافه ، بل يبني إذا عاد إلى الإِسلام (٥) .
__________________
(١) في « ط ، ف » والطبعة الحجرية : يستخف .
(٢) المغني ٣ : ١٥٠ ، الشرح الكبير ٣ : ١٦٣ .
(٣) صحيح البخاري ٣ : ٦٤ ـ ٦٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٣٤ / ٢٤٧٦ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٢٣ .
(٤) المبسوط للطوسي ١ : ٢٩٤ .
(٥) المهذب للشيرازي ١ : ٢٠٠ ، المجموع ٦ : ٥١٨ ، فتح العزيز ٦ : ٤٩٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٤ ، وفي الجميع نقلاً عن الاُم .