تنبيهٌ :
قيل : كيف يعرف طلوع الفجر المجامع (١) وشبهه ؟ فإنّه متى عرف الطلوع كان الطلوع الحقيقي متقدّماً عليه .
اُجيب بأمرين :
أحدهما : أنّ المسألة موضوعة على التقدير ، كما هو عادة الفقهاء في أمثالها .
والثاني : إنّا تعبّدنا بما نطّلع عليه ، ولا معنى للصبح إلّا ظهور الضوء للناظر ، وما قبله لا حكم له .
فإذا كان الشخص عارفاً بالأوقات ومنازل القمر ، وكان بحيث لا حائل بينه وبين مطلع الفجر ورصد ، فمتى أدرك فهو أول الصبح الذي اعتبره الشارع (٢) ، وقد نبّه الله تعالى عليه بقوله : ( حَتَّىٰ يَتَبَيَّنَ لَكُمُ الْخَيْطُ الْأَبْيَضُ مِنَ الْخَيْطِ الْأَسْوَدِ ) (٣) .
مسألة ٤٣ : قد بيّنا أنّ ماء مضمضة الصلاة والاستنشاق لها لو سبق إلى الحلق من غير قصد ، لم يفسد صومه ، ولا كفّارة فيه ـ ولو كان للتبرّد أو العبث ، وجب عليه القضاء خاصة عند علمائنا ـ لأنّه في الصلاة فَعَل مشروعاً ، فلا تترتّب عليه عقوبة ؛ لعدم التفريط شرعاً ، وفي التبرّد والعبث فرَّط بتعريض الصوم للإِفساد بإيجاد ضدّه ، وهو : عدم الإِمساك ، فلزمه العقوبة ؛ للتفريط .
ولا كفّارة عليه ؛ لأنّ سماعة سأله عن رجل عبث بالماء يتمضمض به من عطش ، فدخل حلقه ، قال : « عليه قضاؤه ، وإن كان في وضوئه فلا
__________________
(١) في النسخ الخطية الثلاث « ط ، ف ، ن » : للمجامع . وما أثبتناه من الطبعة الحجرية .
(٢) تعرض للسؤال والجواب ، الرافعي في فتح العزيز ٦ : ٤٠٤ ـ ٤٠٥ ، والنووي في المجموع ٦ : ٣٠٩ .
(٣) البقرة : ١٨٧ .