ولو بذل له صديق منزله ـ وهو قريب من المسجد ـ لقضاء الحاجة ، لم تلزمه الإِجابة ؛ لما فيه من المشقّة بالاحتشام ، بل يمضي إلى منزل نفسه ، سواء كان منزله قريباً أو بعيداً بُعْداً متفاحشاً أو غير متفاحش ، إلّا أن يخرج بالبُعْد عن مسمّى الاعتكاف .
ولو كان له منزلان أحدهما أقرب ، تعيّن عليه القصد إليه ، خلافاً لبعض الشافعيّة حيث سوّغ له المضيّ إلى الأبعد (١) .
ولو احتلم ، وجب عليه المبادرة بالخروج عن المسجد للغسل ؛ لأنّ الاستيطان حرام .
مسألة ٢١٠ : يجوز للمعتكف الخروج لشراء المأكول والمشروب إذا لم يكن له مَنْ يأتيه به بالإِجماع ؛ لأنّ الحاجة تدعو إليه ، والضرورة ثابتة فيه ، فجاز كغيره من الضروريات .
وهل يجوز الخروج للأكل خارج المسجد ؟ إشكال ، أقربه ذلك إن كان فيه غضاضة ويكون من أهل الاحتشام ، وإلّا فلا .
وللشافعية وجهان : هذا أحدهما ؛ لأنّه قد يستحيي منه ويشقّ عليه .
والثاني : أنّه لا يجوز ـ وهو قول الشافعي في الاُمّ (٢) ـ لأنّ الأكل في المسجد ممكن (٣) .
ولو عطش ولم يجد الماء في المسجد ، فهو معذور في الخروج .
ولو وجده فالأقرب منعه من الخروج للشرب ـ وهو أصحّ وجهي الشافعية ـ لأنّ فعله في المسجد ممكن ، ولا يستحي منه ، ولا يُعدّ تركه من المروة ،
__________________
(١) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٩ ، فتح العزيز ٦ : ٥٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٢ .
(٢) قال الشافعي في الأم ٢ : ١٠٥ : وإن أكل المعتكف في بيته فلا شيء عليه . وكذلك حكاه عنه النووي في المجموع ٦ : ٥٠٥ .
(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٩ ، المجموع ٦ : ٥٠٥ ، فتح العزيز ٦ : ٥٣٢ ، حلية العلماء ٣ : ٢٢٢ .