روايتان (١) ـ لأنّ الجنون معنى يزيل العقل ، فلا ينافي وجوب الصوم ، كالإِغماء (٢) .
ونمنع حكم الأصل ، والفرق : أنّ الإِغماء مرض قد يلحق الأنبياء ، بخلاف الجنون المزيل للتكليف لنقص فيه .
فإن أفاق في أثناء الشهر ، لم يقض ما فاته حال جنونه ولا اليوم الذي يفيق فيه ، إلّا أن يكون أفاق قبل الفجر ـ وبه قال الشافعي في أحد الوجهين (٣) ـ لأنّ الجنون مزيل للخطاب والتكليف ، فسقط قضاء ما فات من بعض الشهر ، كما لو فات جميعه .
وقال أبو حنيفة : يجب قضاء ما فات ؛ لأنّ الجنون لا ينافي الصوم (٤) .
وهو ممنوع بخلاف الإِغماء .
وقال محمد بن الحسن : إذا بلغ مجنوناً ثم أفاق في أثناء الشهر ، فلا قضاء عليه ، أمّا إذا كان عاقلاً بالغاً ثم جُنّ ، قضى ما فاته حالة الجنون ؛ لأنّ بلوغه في الأول لم يتعلّق به التكليف (٥) . ونمنع الأصل .
مسألة ١٠٥ : اختلف علماؤنا في المغمى عليه هل يجب عليه القضاء ؟ فالذي نصّ عليه الشيخ ـ رحمه الله ـ أنّه لا قضاء عليه ، سواء كان مفيقاً في أول الشهر ناوياً للصوم ثم اُغمي عليه ، أو لم يكن مفيقاً ، بل اُغمي
__________________
(١) المغني ٣ : ٩٥ ـ ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٣ .
(٢) الكافي في فقه أهل المدينة : ١١٧ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩٨ ، المغني ٣ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٣ .
(٣) المهذب للشيرازي ١ : ١٨٤ ، المجموع ٦ : ٢٥٤ و ٢٥٦ ، الوجيز ١ : ١٠٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٣ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣ ، المغني ٣ : ٩٥ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦ .
(٤) الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٨ ، الكتاب بشرح اللباب ١ : ١٧٣ ، بدائع الصنائع ٢ : ٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٣ ، المغني ٣ : ٩٦ ، الشرح الكبير ٣ : ٢٦ .
(٥) الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٨ ـ ١٢٩ ، بدائع الصنائع ٢ : ٨٩ ، حلية العلماء ٣ : ١٧٣ .