رأسه فاُرجّله ، وكان لا يدخل البيت إلّا لحاجة الإِنسان (١) .
ومن طريق الخاصة : قول الصادق عليه السلام : « لا يخرج المعتكف من المسجد إلّا في حاجة » (٢) .
ولأنّ الاعتكاف هو اللبث ، فإذا خرج بطل الاسم .
والممنوع إنّما هو الخروج بجميع بدنه ، فلو أخرج يده أو رأسه ، لم يبطل اعتكافه ؛ لما تقدّم في رواية عائشة .
ولو أخرج إحدى رجليه أو كلتيهما وهو قاعد مادٌّ لهما ، فكذلك ، وإن اعتمد عليهما فهو خارج .
والممنوع منه الخروج عن كلّ المسجد .
فلو صعد على المنارة ، فإن كانت في وسط المسجد أو بابها فيه أو في رحبته وهي تُعدّ من المسجد ، جاز سواء كان الصعود للأذان أو لغيره ، كما يصعد على سطح المسجد ودخول بيت منه .
وإن كان الباب خارج المسجد ، لم يجز ؛ لأنّها لا تُعدّ حينئذٍ من المسجد ، ولا يصح الاعتكاف فيها .
وهل للمؤذّن صعودها للأذان ؟ الأقرب : المنع ـ وهو أحد وجهي الشافعية (٣) ـ لأنّه لا ضرورة إليه ، لإِمكان الأذان على سطح المسجد ، فصار كما لو صعدها لغير الأذان ، أو خرج لغير ضرورة ، أو خرج إلى الأمير ليُعْلمه الصلاة .
والثاني : الجواز ؛ لأنّها مبنيّة للمسجد معدودة من توابعه .
ولأنّه قد اعتاد صعودها للأذان وقد استأنس الناس بصوته ، فيعذر فيه .
__________________
(١) سنن أبي داود ٢ : ٣٣٢ / ٢٤٦٧ ، سنن الترمذي ٣ : ١٦٧ / ٨٠٤ ، سنن البيهقي ٤ : ٣١٥ ، مسند أحمد ٦ : ١٨١ .
(٢) التهذيب ٤ : ٢٩٣ / ٨٩١ ، الاستبصار ٢ : ١٢٨ / ٤١٦ .
(٣) فتح العزيز ٦ : ٥٣٠ .