العامّة يجوّز البناء على ما تقدّم مطلقاً (١) .
إذا ثبت هذا ، فالنفساء بحكم الحائض ؛ لأنّ النفاس في الحقيقة حيض ، وأمّا المستحاضة فإنّها بمنزلة الطاهر يجوز لها الاعتكاف مع الأغسال .
قالت عائشة : اعتكفَتْ مع رسول الله صلّى الله عليه وآله ، امرأة من أزواجه مستحاضة ، فكانت ترى الحمرة والصفرة ، وربما وضعنا الطست تحتها وهي تصلّي (٢) .
فإن لم يمكن صيانة المسجد عن التلويث ، خرجت ؛ لأنّه عذر ، فإن كان الزمان يسيراً جدّاً كقضاء الحاجة ، بَنَتْ على ما فَعَلَتْ وحسبت زمان الخروج من الاعتكاف ، كزمان قضاء الحاجة .
وقال الشافعي : إن كانت المدّة المنذورة طويلةً لا تخلو عن الحيض غالباً ، لم ينقطع التتابع ، بل تبني إذا طهرت ، كما لو حاضت في صوم الشهرين عن الكفّارة .
وإن كانت بحيث تخلو عن الحيض ، فقولان : أحدهما : أنّه لا ينقطع به التتابع ؛ لأنّ جنس الحيض متكرّر بالجبلة ، فلا يؤثّر في التتابع ، كقضاء الحاجة . وأظهرهما : ينقطع ؛ لأنّها بسبيل أن تشرع كما لو طهرت (٣) .
مسألة ٢٢١ : إذا طلّقت المعتكفة رجعيّاً ، خرجت من اعتكافها إلى منزلها عند علمائنا أجمع ـ وبه قال الشافعي وأحمد (٤) ـ لقوله تعالى : ( لَا
__________________
(١) المغني ٣ : ١٢٥ و ١٥٣ و ١٥٤ ، الشرح الكبير ٣ : ١٢٥ و ١٤٦ .
(٢) صحيح البخاري ٣ : ٦٤ ـ ٦٥ ، سنن أبي داود ٢ : ٣٣٤ / ٢٤٧٦ .
(٣) فتح العزيز ٦ : ٥٣٤ ، المجموع ٦ : ٥١٩ .
(٤) فتح العزيز ٦ : ٥٣٨ ـ ٥٣٩ ، وقالا به في المتوفّى عنها زوجها في المغني ٣ : ١٥١ ، والشرح الكبير ٣ : ١٤٧