ولأنّ الصوم غير قابل للتبعيض وقد أفطر في أول النهار فلا يصح صوم الباقي .
وإنّما استحب الإِمساك تشبّهاً بالصائمين ؛ لأنّ محمد بن مسلم سأل الصادق عليه السلام عن الرجل يقدم من سفره بعد العصر في شهر رمضان فيصيب امرأته حين طهرت من الحيض أيُواقعها ؟ قال : « لا بأس به » (١) .
وأمّا استحباب الإِمساك : فلأنّ سماعة سأله عن مسافر دخل أهله قبل زوال الشمس وقد أكل ، قال : « لا ينبغي له أن يأكل يومه ذلك شيئاً ، ولا يواقع في شهر رمضان إن كان له أهل »(٢) .
وقال أبو حنيفة والثوري والأوزاعي : لا يجوز لهم أن يأكلوا في بقية النهار ـ وعن أحمد روايتان (٣) ـ لأنّه معنى لو طرأ قبل طلوع الفجر لوجب الصوم ، فإذا طرأ بعد الفجر وجب الإِمساك كقيام (٤) البيّنة أنّه من رمضان (٥) .
والفرق : جواز الإِفطار باطناً وظاهراً هنا ، فإذا أفطر كان له استدامته ، بخلاف البيّنة ؛ لأنّه لم يكن له الفطر باطناً ، فلمّا انكشف له خطأه حرم عليه الإِفطار .
وكذا البحث في كلّ مفطر كالحائض إذا طهرت ، والطاهر إذا حاضت ، والصبي إذا بلغ ، والكافر إذا أسلم .
مسألة ١٠٠ : لو قدم المسافر قبل الزوال أو برئ المريض كذلك ولم يكونا قد تناولا شيئاً ، وجب عليهما الإِمساك بقية اليوم ، وأجزأهما عن
__________________
(١) الاستبصار ٢ : ١٠٦ / ٣٤٧ و ١١٣ / ٣٧٠ ، التهذيب ٤ : ٢٤٢ / ٧١٠ و ٢٥٤ / ٧٥٣ .
(٢) الكافي ٤ : ١٣٢ / ٨ ، التهذيب ٤ : ٢٥٣ ـ ٢٥٤ / ٧٥١ ، الاستبصار ٢ : ١١٣ / ٣٦٨ .
(٣) المغني ٣ : ٧٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٧ ، و ٦٥ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٥ .
(٤) ورد في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، وفي الطبعة الحجرية بدل كقيام : لقيام . والصحيح ـ كما هو موافق لما في المغني ـ ما أثبتناه .
(٥) المغني ٣ : ٧٥ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٠٢ ، بداية المجتهد ١ : ٢٩٧ ، المجموع ٦ : ٢٦٢ ، فتح العزيز ٦ : ٤٣٥ . حلية العلماء ٣ : ١٧٦ .