السكر محمول على ما إذا خرج من المسجد أو اُخرج لإِقامة الحدّ عليه .
وثانيها : أنّ السكر يبطله ؛ لامتداد زمانه ، والردّة كذلك إن طال زمانها .
وثالثها : أنّ الردّة تُبطل ؛ لأنّها تفوّت شرط العبادة ، والسكر لا يُبطله ، كالنوم والإِغماء .
ورابعها : أنّهما جميعاً مُبطلان ؛ فإنّ كلّ واحد منهما أشدّ من الخروج من المسجد ، فإذا كان ذلك مُبطلاً للاعتكاف ففيهما أولى .
وقوله (١) في الردّة مفروض فيما إذا لم يكن اعتكافه متتابعاً ، فإذا عاد إلى الإِسلام بنى على ما مضى ؛ لأنّ الردّة لا تُحبط العبادات السابقة .
وقوله (٢) في السكر مفروض في الاعتكاف المتتابع (٣) .
وهذا كلّه عندنا باطل ؛ لأنّ المرتدّ لا يُمكَّن من الدخول إلى المسجد ، وأنه مُنافٍ للعبادة ، وكذا السكر .
إذا عرفت هذا ، فالمفهوم من كلام الشافعي أنّ زمان الردّة والسكر لا اعتكاف فيه ؛ فإنّ الكلام في أنه يبني أو يستأنف إنّما ينتظم عند حصول الاختلال في الحال (٤) . والمشهور عند أصحابنا (٥) أنّ زمان الردّة غير محسوب من الاعتكاف ؛ إذ ليس للمرتدّ أهلية العبادة ، وأمّا زمان السكر ففي احتسابه لهم وجهان (٦) .
مسألة ١٩٠ : إذا عرض الجنون أو الإِغماء في أثناء الاعتكاف ، بطل اعتكافه ؛ لفساد الشرط ، وخروجه عن أهلية العبادة ، سواء اُخرجا من
__________________
(١ و ٢) أي : قول الشافعي .
(٣) فتح العزيز ٦ : ٤٩٤ ـ ٤٩٧ ، المجموع ٦ : ٥١٨ ـ ٥١٩ .
(٤) فتح العزيز ٦ : ٤٩٧ ـ ٤٩٨ .
(٥) كذا ، والظاهر أنّ الصحيح : أصحابه . أي : أصحاب الشافعي .
(٦) فتح العزيز ٦ : ٤٩٨ ، المجموع ٦ : ٥١٩ .