وعن علي عليه السلام ، قال : « لا شيء على مَن أكل ناسياً » (١) .
ومن طريق الخاصة : قول الباقر عليه السلام : « كان أمير المؤمنين عليه السلام ، يقول : مَن صام فنسي فأكل وشرب فلا يفطر من أجل أنّه نسي ، فإنّما هو رزق رزقه الله فليتمّ صيامه » (٢) .
ولأنّ التكليف بالإِمساك يستدعي الشعور ، وهو منفي في حقّ الناسي ، فكان غير مكلَّف به ؛ لاستحالة تكليف ما لا يطاق .
وقال ربيعة ومالك : يفطر الناسي كالعامد ؛ لأنّ الأكل ضدّ الصوم ، لأنّ الصوم كفّ ، فلا يجامعه ، وتبطل العبادة به كالناسي في الكلام في الصلاة (٣) .
ونمنع كون الأكل مطلقاً ضدّاً ، بل الضدّ هو : الأكل العمد . ونمنع بطلان الصلاة مع نسيان الكلام .
ولو فعل ذلك حالة النوم ، لم يفسد صومه ؛ لانتفاء القصد فيه والعلم ، فهو أعذر من الناسي .
أمّا الجاهل بالتحريم فإنّه غير معذور ، بل يفسد الصوم مع فعل المفطر ويكفّر .
وأمّا المُكرَه والمتوعَّد بالمؤاخذة ، فالأقرب : فساد صومهما ، لكن لا تجب الكفّارة .
مسألة ٣٣ : قد بيّنا أنّ القصد لوصول شيء إلى الجوف شرط في الإِفساد ، فلو طارت ذبابة أو بعوضة إلى حلقه ، لم يفطر بذلك إجماعاً .
__________________
(١) أورده ابنا قدامة في المغني ٣ : ٥٣ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٦ ، وانظر : سنن البيهقي ٤ : ٢٢٩ .
(٢) التهذيب ٤ : ٢٦٨ / ٨٠٩ .
(٣) المغني ٣ : ٥٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٤٦ ، المدونة الكبرى ١ : ٢٠٨ ، الكافي في فقه أهل المدينة : ١٢٥ ، حلية العلماء ٣ : ١٩٧ ، اختلاف العلماء : ٦٩ ، الهداية للمرغيناني ١ : ١٢٢ .