ثم ابتلعه ، أو لم يجمعه ، وبه قال الشافعي (١) ، وهو أصحّ وجهي الحنابلة (٢) .
أمّا إذا لم يجمعه : فلأنّ العادة تقتضي بلعه ، والتحرّز منه غير ممكن ، وبه يحيى الإِنسان ، وعليه حمل بعض المفسّرين قوله تعالى : ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَاءِ كُلَّ شَيْءٍ حَيٍّ ) (٣) .
وأمّا إذا جمعه : فلأنّه يصل إلى جوفه من معدنه ، فأشبه إذا لم يجمعه .
وقال بعض الحنابلة : إنّه يفطر ؛ لأنّه يمكنه التحرّز عنه ، فأشبه ما لو قصد ابتلاع غيره (٤) . وهو ممنوع .
وشرط الشافعية في عدم إفطاره شروطاً :
الأول : أن يكون الريق صرفاً ، فلو كان ممزوجاً بغيره متغيّراً به ، فإنّه يفطر بابتلاعه ، سواء كان ذلك الغير طاهراً ، كما لو كان يفتل خيطاً مصبوغاً فغيّر ريقه ، أو نجساً ، كما لو دميت لثته وتغيّر ريقه .
فلو ابيضّ الريق وزال تغيّره ، ففي الإِفطار بابتلاعه للشافعية وجهان : أظهرهما عندهم : الإِفطار ؛ لأنّه لا يجوز له ابتلاعه لنجاسته ، والريق إنّما يجوز ابتلاع الطاهر منه .
والثاني : عدم الإِفطار ؛ لأنّ ابتلاع الريق مباح ، وليس فيه عين (٥) آخر وإن كان نجساً حكماً .
وعلى هذا لو تناول بالليل شيئاً نجساً ولم يغسل فمه حتى أصبح فابتلع الريق ، بطل صومه على الأول .
الثاني : أن يبتلعه من معدنه ، فلو خرج الى الظاهر من فمه ثم ردّه بلسانه
__________________
(١) فتح العزيز ٦ : ٣٨٩ ، المجموع ٦ : ٣١٧ .
(٢) المغني ٣ : ٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٣ .
(٣) الأنبياء : ٣٠ ، وانظر : فتح العزيز ٦ : ٣٨٩ .
(٤) المغني ٣ : ٤٠ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٣ .
(٥) في الطبعة الحجرية بدل عين : شيء .