ولأنّ الكفّارة حقٌّ من حقوق الله تعالى على وجه البدل ، فلا يجب مع العجز ، كصدقة الفطر .
وقال الزهري والثوري وأبو ثور : إذا لم يتمكّن من الأصناف الثلاثة ، كانت الكفّارة ثابتةً في ذمّته ـ وهو قياس قول أبي حنيفة (١) ـ لأنّ النبي عليه السلام ، أمَر الأعرابي أن يأخذ التمر ويكفّر عن نفسه ، بعد أن أعلمه بعجزه عن الأنواع الثلاثة ، وهو يقتضي وجوب الكفّارة مع العجز .
ولأنّه حقٌّ لله تعالى في المال ، فلا يسقط بالعجز ، كسائر الكفّارات (٢) .
وليس حجّةً ؛ لأنّه عليه السلام ، دفع ( التمر ) (٣) تبرّعاً منه ، لا أنّه واجب على العاجز . وحكم الأصل ممنوع .
وقال الأوزاعي : تسقط الكفّارة عنه (٤) . وللشافعي قولان (٥) . وعن أحمد روايتان (٦) .
أ ـ حدّ العجز عن التكفير : أن لا يجد ما يصرفه في الكفّارة فاضلاً عن قوته وقوت عياله ذلك اليوم .
ب ـ لا يسقط القضاء بسقوط الكفّارة مع العجز ، بل يجب القضاء مع القدرة عليه ، فإن عجز أيضاً عنه ، سقط ؛ لعدم الشرط ، وهو : القدرة .
ج ـ اختلفت عبارة الشيخين هنا ، فقال المفيد رحمه الله : لو عجز عن الأصناف الثلاثة ، صام ثمانية عشر يوماً متتابعات ، فإن لم يقدر ، تصدّق بما
__________________
(١ و ٢) المغني ٣ : ٧٢ ـ ٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٢ .
(٣) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق ، وفي الطبعة الحجرية : البُرّ . والصحيح ـ كما يقتضيه السياق ـ ما أثبتناه .
(٤) المغني والشرح الكبير ٣ : ٧٢ .
(٥) المهذب للشيرازي ١ : ١٩٢ ، المجموع ٦ : ٣٤٣ ، فتح العزيز ٦ : ٤٥٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٤ .
(٦) المغني ٣ : ٧٢ ـ ٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٧٢ .