وقال مالك : إذا قعد في المسجد واشتغل بحرفته ، بطل اعتكافه (١) . وهو كما قلناه .
ونُقل عن الشافعي في القديم مثله في الاعتكاف المنذور (٢) . ورواه بعضهم في مطلق الاعتكاف (٣) .
والمشهور عند الشافعية : الجواز مطلقاً ؛ لأنّ ما لا يبطل قليله الاعتكاف لا يبطل كثيره ، كسائر الأفعال (٤) . وهو ممنوع .
مسألة ١٨٨ : يجوز له الأكل في المسجد ؛ للحاجة إليه ، وللأصل ، ولأنّه مأمور باللبث فيه ، والأكل بدون الاعتكاف جائز في المسجد ، فمعه أولى ، لكن ينبغي أن يبسط سفرة وشبهها ؛ لأنّه أبلغ في تنظيف المسجد .
وله غسل يده فيه ، لكن ينبغي أن يكون ماء الغسالة في طست وشبهه ؛ حذراً من ابتلال المسجد فيمنع غيره من الصلاة فيه والجلوس .
ولأنّه قد يستقذر ، فينبغي صيانة المسجد عنه .
وله أن يرشّ المسجد بالماء المطلق لا المستعمل إذا استقذرته النفس وإن كان طاهراً ؛ لأنّ النفس قد تَعافُهُ (٥) .
وكذا يجوز الفصد والحجامة في المسجد إذا لم يتلوّث ، والأولى الاحتراز عنه .
ولا يجوز أن يبول في المسجد في آنية ـ خلافاً للشافعية في بعض أقوالهم (٦) ـ لما فيه من القبح والاستهانة بالمسجد ، واللائق تعظيم المساجد وتنزيهها ، بخلاف الفصد والحجامة ، ولهذا لا يمنع من استقبال القبلة واستدبارها حالة الفصد والحجامة ، ويمنع منه حالة البول .
__________________
(١) فتح العزيز ٦ : ٤٨٤ ، التفريع ١ : ٣١٤ .
(٢ ـ ٤) فتح العزيز ٦ : ٤٨٣ و ٤٨٤ .
(٥) عاف الشيءَ يَعٰافُهُ : كرهه . لسان العرب ٩ : ٢٦٠ .
(٦) حلية العلماء ٣ : ٢٢٦ ، المجموع ٦ : ٥٣٣ .