وكذا يستحب صوم كلّ جمعة ـ وبه قال أبو حنيفة ومالك ومحمد (١) ـ لأنّ الصوم في نفسه طاعة ، وهذا يوم شريف تُضاعف فيه الحسنات .
ولما رواه الزهري عن زين العابدين عليه السلام : « فأمّا الصوم الذي صاحبه فيه بالخيار فصوم يوم الجمعة والخميس » (٢) .
وقال ابن سنان عن الصادق عليه السلام : رأيته صائماً يوم جمعة ، فقلت له : جُعلت فداك إنّ الناس يزعمون أنّه يوم عيد ؛ فقال : « كلّا إنّه يوم خفض ودعة » (٣) .
وقال أحمد وإسحاق وأبو يوسف : يكره إفراده بالصوم ، إلّا أن يوافق ذلك صوماً كان يصومه ، مثل : مَنْ يصوم يوماً ويُفطر يوماً ، فيوافق صومه يوم الجمعة . وكذا مَنْ عادته صيام أول الشهر أو آخره فيوافقه ؛ لما رواه أبو هريرة : أنّ النبي صلّى الله عليه وآله ، نهى أن يفرد يوم الجمعة بالصوم (٤) .
وسأل رجلٌ جابرَ بن عبدالله وهو يطوف ، فقال : أسمعت رسول الله صلّى الله عليه وآله ، نهى عن صيام يوم الجمعة ؟ قال : نعم وربّ هذا البيت (٥) (٦) .
فإن صحّت هاتان الروايتان ، حُملتا على مَنْ يضعف عن الفرائض
__________________
(١) المغني ٣ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠٤ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٤ ، المجموع ٦ : ٤٣٨ ، بداية المجتهد ١ : ٣١٠ وفيها جميعاً : لا يكره .
(٢) تقدّمت الإِشارة إلى مصادرها في الهامش (٧) من صفحة ١٩٩ .
(٣) التهذيب ٤ : ٣١٦ / ٩٥٩ .
(٤) صحيح مسلم ٢ : ٨٠١ / ١١٤٤ ، صحيح البخاري ٣ : ٥٤ ، سنن الترمذي ٣ : ١١٩ / ٧٤٣ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٤٩ / ١٧٢٣ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٠٢ .
(٥) صحيح مسلم ٢ : ٨٠١ / ١١٤٣ ، صحيح البخاري ٣ : ٥٤ ، سنن ابن ماجة ١ : ٥٤٩ / ١٧٢٤ ، سنن الدارمي ٢ : ١٩ ، سنن البيهقي ٤ : ٣٠١ ـ ٣٠٢ .
(٦) المغني ٣ : ١٠٥ ، الشرح الكبير ٣ : ١٠٣ ـ ١٠٤ ، المجموع ٦ : ٤٣٨ ، حلية العلماء ٣ : ٢١٤ .