أمّا لو وصل غبار الطريق أو غربلة الدقيق إلى جوفه ، فإن كانا غليظين ، وأمكنه التحرّز منه ، فإنّه يفسد صومه ، ولو كانا خفيفين ، لم يفطر .
والعامة لم تفصِّل ، بل قالوا : لا يفطر (١) .
ولو أمكنه إطباق فيه أو اجتناب الطريق ، لم يفطر عندهم أيضاً ؛ لأنّ تكليف الصائم الاحتراز عن الأفعال المعتادة التي يحتاج اليها عسر ، فيكون منفياً (٢) ، بل لو فتح فاه عمداً حتى وصل الغبار إلى جوفه ، فأصحّ وجهي الشافعية : أنّه يقع عفواً (٣) .
ولو وُطئت المرأة قهراً ، فلا تأثير له في إفساد صومها ، وكذا لو وُجر في حلق الصائم ماء وشبهه بغير اختياره .
وللشافعي قولان فيما لو اُغمي عليه فوُجر في حلقه معالجةً وإصلاحاً ، أحدهما : أنّه يفطر ؛ لأنّ هذا الإِيجار لمصلحته ، فكأنّه بإذنه واختياره . وأصحّهما : أنّه لا يفطر ، كإيجار غيره بغير اختياره (٤) .
وهذا الخلاف بينهم مفرَّع على أنّ الصوم لا يبطل بمطلق الإِغماء ( وإلّا فالإِيجار ) (٥) مسبوق بالبطلان (٦) .
وهذا الخلاف كالخلاف في المغمى عليه المُحرِم إذا عُولج بدواء فيه طيب هل تلزمه الفدية ؟ (٧) .
مسألة ٣٤ : ابتلاع الريق غير مفطر عند علمائنا ، سواء جمعه في فمه
__________________
(١) اُنظر : فتح العزيز ٦ : ٣٨٦ ، والمجموع ٦ : ٣٢٧ ، والمغني ٣ : ٥٠ ـ ٥١ ، والشرح الكبير ٣ : ٤٨ ـ ٤٩ .
(٢ و ٣) فتح العزيز ٦ : ٣٨٦ ، المجموع ٦ : ٣٢٧ ـ ٣٢٨ .
(٤) فتح العزيز ٦ : ٣٨٦ ـ ٣٨٧ ، المجموع ٦ : ٣٢٥ .
(٥) ورد بدل ما بين القوسين في النسخ الخطية المعتمدة في التحقيق وفي الطبعة الحجرية : ولا بالإِيجار . وما أثبتناه ـ وهو الصحيح ـ من المصدر .
(٦) فتح العزيز ٦ : ٣٨٧ .
(٧) فتح العزيز ٦ : ٣٨٧ ، المجموع ٦ : ٣٢٥ .