ولأن الحدود تتداخل في سببين ، وهي مبنية على التخفيف ، فتنافي التكرار .
ولو كرّر في يوم واحد ، قال الشيخ (١) وبعض علمائنا (٢) : لا تتكرّر الكفّارة ـ وبه قال أبو حنيفة ومالك والشافعي (٣) ـ لأنّ الوطء الثاني لم يقع في صوم صحيح ، فلا يتحقّق الهتك به ، فلا تثبت العقوبة .
ولأنّ أحد الأمرين ـ وهو القضاء ـ لا يتكرّر ، فلا يتكرّر الآخر .
وقال السيد المرتضى رحمه الله تتكرّر الكفّارة (٤) ؛ لأنّ الجماع سبب تام في وجوب الكفّارة ، فتتكرّر بتكرّره ؛ عملاً بالمقتضي .
ولدلالة الرواية عن الرضا (٥) عليه السلام عليه .
ولأنّ الإِمساك واجب كرمضان ، والوطء فيه محرَّم كحرمة رمضان ، فأوجب الكفّارة كالأول .
ونمنع السببية بدون الهتك ، وإلّا لوجب على المسافر .
والفرق بين تحريم الأول والثاني ظاهر وإن اشتركا في مطلق التحريم ؛ لصدق الهتك في الأول دون الثاني .
وقال ابن الجنيد من علمائنا : إن كفّر عن الأول كفّر ثانياً ، وإلّا كفّر واحدة عنهما (٦) ؛ وبه قال أحمد بن حنبل (٧) ، ولا بأس به .
__________________
(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٧٤ ، الخلاف ٢ : ١٨٩ ، المسألة ٣٨ .
(٢) المحقق في المعتبر : ٣٠٨ .
(٣) المبسوط للسرخسي ٣ : ٧٤ ، بداية المجتهد ١ : ٣٠٦ ، المدونة الكبرى ١ : ٢١٨ ، المجموع ٦ : ٣٣٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠١ ، المغني ٣ : ٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٥ .
(٤) حكاه عنه الشيخ الطوسي في الخلاف ٢ : ١٨٩ ـ ١٩٠ ، المسألة ٣٨ ، والمحقّق في المعتبر : ٣٠٨ .
(٥) عيون أخبار الرضا عليه السلام ١ : ٢٥٤ / ٣ ، الخصال : ٤٥٠ / ٥٤ .
(٦) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣٠٨ ـ ٣٠٩ .
(٧) المغني ٣ : ٧٣ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٤ ، المجموع ٦ : ٣٣٧ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٢ .