ولو ازْوَرَّ عن الطريق قليلاً فعاده ، فقد جعلوه على هذين الوجهين . والأصحّ عندهم : المنع ؛ لما فيه من إنشاء سير لغير قضاء حاجة .
وقد روي أنّ النبي صلّى الله عليه وآله ، كان لا يسأل عن المريض إلّا مارّاً في اعتكافه ولا يعرّج عليه (١) (٢) .
ولو كان المريض في بيت الدار التي يدخلها لقضاء الحاجة ، فالعدول لعيادته قليل ، وإن كان في دار اُخرى فكثير .
ولو خرج لقضاء حاجة فعثر في الطريق على جنازة ، فلا بأس إذا لم ينتظرها ولا يزْوَرّ عن الطريق .
وفيه وجه آخر : أنّه لا يجوز ؛ لأنّ في صلاة الجنازة يفتقر إلى الوقفة (٣) .
مسألة ٢١٤ : يجوز الخروج للمعتكف لإِقامة الشهادة عند الحاكم ، سواء كان الاعتكاف واجباً أو ندباً ، وسواء كان متتابعاً أو غير متتابع ، تعيّن عليه التحمّل والأداء أو لم يتعيّن عليه أحدهما إذا دُعي إليها ؛ لأنّ إقامة الشهادة أمر واجب لا بدّ منه ، فصار ضرورةً ، كقضاء الحاجة ، فلا يكون مُبطلاً ، وإذا دُعي إليها مع عدم التعيين ، تجب الإِجابة ، فلا يمنع منه الاعتكاف .
وقال الشافعي : إن تعيّن عليه التحمّل والأداء ، خرج ، ولا يبطل اعتكافه المتتابع بخروجه ، ويستأنف إذا عاد ، وإن تعيّن عليه التحمّل دون الأداء ، فكما لو لم يتعيّنا عليه ، وإن كان بالعكس فقولان ؛ لأنّه خرج لغير حاجة ، فأبطل التتابع (٤) .
والمقدّمة الاُولى ممنوعة .
__________________
(١) لا يعرّج عليه ، أي : لم يُقم ولم يحتبس . النهاية ـ لابن الأثير ـ ٣ : ٢٠٣ .
(٢) أوردها الرافعي في فتح العزيز ٦ : ٥٣٣ ، وفي سنن أبي داود ٢ : ٣٣٣ / ٢٤٧٢ ، وسنن البيهقي ٤ : ٣٢١ بتفاوت في اللفظ .
(٣) فتح العزيز ٦ : ٥٣٣ ، والمجموع ٦ : ٥١١ ـ ٥١٢ .
(٤) المجموع ٦ : ٥١٥ ، فتح العزيز ٦ : ٥٣٨ .