ولأنّه بعد الرقبة (١) تعيّن عليه الصوم ، فلا يزول هذا الحكم بوجود الرقبة ، كما لو وجدها بعد إكمال الصوم .
وقال أبو حنيفة والمزني : لا يجزئه الصوم ، ويكفّر بالعتق ـ وللشافعي قولان (٢) ـ لأنّه قدر على الأصل قبل أداء فرضه بالبدل ، فيبطل حكم البدل ، كالمتيمّم يرى الماء (٣) .
وليس حجّةً ؛ فإنّ المتيمّم بعد الدخول في الصلاة يمضي فيها ، ولا يبطل تيمّمه ، أمّا قبلها (٤) فلا ، والفرق : أنّه لم يتلبّس بما فعل التيمّم له ، فلم يظهر له حكم .
ولأنّ التيمّم لا يرفع الحدث بل يستره ، فإذا وجد الماء ، ظهر حكمه ، بخلاف الصوم ؛ فإنّه يرفع حكم الجماع بالكلية .
مسألة ٢٨ : لو عجز عن الأصناف الثلاثة ، صام ثمانية عشر يوماً ، فإن لم يقدر ، تصدّق بما وجد ، أو صام ما استطاع ، فإن لم يتمكّن ، استغفر الله تعالى ولا شيء عليه ، قاله علماؤنا ؛ لما رواه العامة : أنّ النبي صلّى الله عليه وآله ، قال للمجامع : ( اذهب فكُله أنت وعيالك ) (٥) ولم يأمره بالكفّارة في ثاني الحال ، ولو كان الوجوب ثابتاً في ذمته ، لأمَره بالخروج عنه عند قدرته .
ومن طريق الخاصة : قول النبي صلّى الله عليه وآله : ( فخُذه فأطعمه عيالك واستغفر الله عزّ وجل ) (٦) .
__________________
(١) أي : بعد فقدان الرقبة .
(٢) المغني ٣ : ٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٧١ ، الاُم ٥ : ٢٨٣ ، مختصر المزني : ٢٠٦ ، المهذب للشيرازي ٢ : ١١٨ ، حلية العلماء ٧ : ١٩٥ ، الحاوي الكبير ١٠ : ٥٠٨ .
(٣) بدائع الصنائع ٥ : ٩٨ ، المغني ٣ : ٦٨ ، الشرح الكبير ٣ : ٧١ ، حلية العلماء ٧ : ١٩٥ ، المهذب للشيرازي ٢ : ١١٨ ، مختصر المزني : ٢٠٦ .
(٤) في « ف » : قبله .
(٥) صحيح مسلم ٢ : ٧٨١ ـ ٧٨٢ / ١١١١ ، سنن البيهقي ٤ : ٢٢١ بتفاوت .
(٦) التهذيب ٤ : ٢٠٦ / ٥٩٥ ، الاستبصار ٢ : ٨٠ ـ ٨١ / ٢٤٥ ، والكافي ٤ : ١٠٢ / ٢ .