المطلب الخامس :
مسألة ٢٠٥ : قد بيّنّا أنّ الاعتكاف في أصله مندوب إليه غير واجب بدون النذر وشبهه ، فإذا تبرّع به كان ندباً إجماعاً ، فإذا شرع في الاعتكاف ، فلعلمائنا في صيرورته واجباً حينئذٍ أقوال ثلاثة :
أحدها : قال الشيخ ـ رحمه الله ـ في بعض مصنّفاته : إنّه يصير واجباً بالنيّة والدخول فيه (١) ـ وبه قال أبو الصلاح (٢) من علمائنا ، وهو قول مالك وأبي حنيفة (٣) ـ لأنّ الأخبار دلّت على وجوب الكفّارة بإفساد الاعتكاف بجماع وغيره على الإِطلاق ، ولو لم ينقلب واجباً لم تجب الكفّارة ، وبالقياس على الحج والعمرة .
والأخبار محمولة على الاعتكاف الواجب . وأيضاً لا استبعاد في وجوب الكفّارة في هتك الاعتكاف المستحب . والفرق : احتياج الحجّ والعمرة إلى إنفاق مال كثير ففي إبطلاهما تضييع للمال وهو منهي عنه .
الثاني : أنّه إن اعتكف يومين وجب الثالث ، وإن اعتكف أقلّ لم يجب الإِكمال ـ وهو ظاهر كلام الشيخ في النهاية (٤) ومذهب ابن الجنيد (٥) وابن البرّاج (٦) ـ لقول الباقر عليه السلام : « إذا اعتكف يوماً ولم يكن اشترط فله أن
__________________
(١) المبسوط للطوسي ١ : ٢٨٩ .
(٢) الكافي في الفقه : ١٨٦ .
(٣) المدونّة الكبرى ١ : ٢٣٢ ، المنتقى ـ للباجي ـ ٢ : ٨٤ ، بدائع الصنائع ٢ : ١٠٨ ، المغني والشرح الكبير ٣ : ١٢٣ .
(٤) النهاية : ١٧١ ، وحكاه عنه في ظاهر النهاية أيضاً المحقق في المعتبر : ٣٢٤ .
(٥) حكاه عنه المحقق في المعتبر : ٣٢٤ .
(٦) المهذب لابن البراج ١ : ٢٠٤