الفطر في وقته ، خلافاً لبعض العامة (١) .
ولو تردّد في الفطر ، فإشكال ينشأ من عدم الجزم بالصوم في زمان التردّد . ومن انعقاد الصوم قبله ، والتردّد ليس من المفطرات .
ولو نوى أنّي إن وجدت طعاماً أفطرت ، وإن لم أجد أتممت صومي ، فوجهان : الفطر ؛ لانتفاء الجزم ، ولهذا لا يصح ابتداء النية بمثل هذا .
والثاني : لا يفطر ؛ لأنّه لم يَنو الفطر بنية صحيحة ، فإنّ النية لا يصحّ تعليقها على شرط ، ولذلك لا ينعقد الصوم بمثل هذه النية .
مسألة ٤٦ : لو جامع أو أكل أو شرب في أول النهار بعد عقد صومه ، ثم تجدّد عذر مسقط للصوم ـ كجنون أو مرض أو حيض أو نفاس ـ في أثناء النهار ، فالوجه عندي : سقوط الكفّارة ـ وهو قول بعض علمائنا (٢) ، وقول أصحاب الرأي والثوري والشافعي في أحد القولين (٣) ـ لأنّه زمان لا يصحّ الصوم فيه ، فيستحيل من الله تعالى ، العالم به الحكيم ، الأمر بصومه ، وإلّا لزم تكليف ما لا يطاق ، فيكون فعل المفطر قد صادف ما لا يصح صومه ، فأشبه ما لو صادف الليل ، وكما لو قامت البيّنة أنّه من شوّال .
والقول الثاني لعلمائنا وللشافعي وأحمد في الرواية الاُخرى : إنّه تجب عليه الكفّارة ـ وبه قال مالك وابن أبي ليلى وإسحاق وأبو ثور وداود ـ لأنّ هذه الأعذار معانٍ طرأت بعد وجوب الكفّارة ، فلم تسقطها ، كالسفر .
ولأنّه أفسد صوماً واجباً في رمضان بجماع وشبهه ، فاستقرّت الكفّارة عليه ، كما لو لم يطرأ عذر (٤) .
ونمنع وجوب الكفّارة ، ونمنع وجوب الصوم في نفس الأمر ، ووجوبه في
__________________
(١) هو ابن عقيل كما في المغني ٣ : ٥٧ ، والشرح الكبير ٣ : ٣٢ .
(٢) حكاه المحقّق في شرائع الإِسلام ١ : ١٩٤ .
(٣ و ٤) المغني ٣ : ٦٤ ، الشرح الكبير ٣ : ٦٦ ، المجموع ٦ : ٣٤٠ ، فتح العزيز ٦ : ٤٥٠ ـ ٤٥١ ، حلية العلماء ٣ : ٢٠٣ ، المبسوط للسرخسي ٣ : ٧٥ .