ولو قال في أثناء النهار : لله عليَّ أن أعتكف يوماً من هذا الوقت؛ لم يصحّ عندنا إذا لم يكن صائماً من أوله ، وإن كان فإشكال .
وقالت الشافعية : إنّه يلزمه دخول المعتكف من ذلك الوقت إلى مثله من اليوم الثاني ، ولا يجوز أن يخرج بالليل ؛ ليتحقّق التتابع .
وقال بعضهم : إنّ الناذر التزم يوماً والبعضان يوم (١) ، والليلة المتخلّلة ليست من اليوم ، فلا يمنع التتابع بينهما ، كما أنّه لا يمنع وصف اليومين الكاملين بالتتابع (٢) .
ومَنْ جوّز تفريق الساعات من الشافعية في اليوم اكتفى بساعات أقصر الأيام ؛ لأنّه لو اعتكف أقصر الأيام ، أجزأه . وكذا لو فرّق على ساعات أقصر الأيام في سنين (٣) .
ولو اعتكف في أيام متباينة الطول والقصر ، فينبغي أن ينسب اعتكافه في كلّ يوم بالجزئية إليه إن كان ثُلْثاً فقد خرج عن ثُلْث ما عليه ؛ نظراً إلى اليوم الذي يوقع فيه الاعتكاف ، ولهذا لو اعتكف بقدر ساعات أقصر الأيام من يوم طويل ، لم يكفه .
مسألة ٢٠١ : إذا نذر أن يعتكف مدّة معيّنة مقدّرة ، كما لو نذر أن يعتكف عشرة أيام من الآن ، أو نذر أن يعتكف هذه العشرة أو هذا الشهر ، وجب عليه الوفاء به .
فإن أفسد آخره إمّا بأن خرج لغير عذر أو بسبب غير ذلك ، فإمّا أن يقيّد بالتتابع أو لا ، فإنّ قيّد نذره بالتتابع بأن قال : أعتكف هذه العشرة أو هذا الشهر متتابعاً ، وجب عليه الاستئناف ؛ لأنّه لم يأت بما نذره فيجب القضاء ، ويكفّر
__________________
(١) أي : بعض هذا اليوم وبعض تاليه يقومان مقام يوم واحد .
(٢) فتح العزيز ٦ : ٥٠٩ ، المجموع ٦ : ٤٩٥ .
(٣) فتح العزيز ٦ : ٥١٠ ، المجموع ٦ : ٤٩٥ .