المودعة في الأشياء كلها من جواهرها وأعراضها التي يصح أن يعبر عنها بالصفة غير القابلة للتخلف والتغيير.
الثاني : كونها من مجرد الاقتضاء الذاتي القابلة للتغير والتبدل والاشتداد والتضعيف.
الثالث : كونها من مجرد الاكتسابيات المحضة بلا علية ولا اقتضاء أبدا.
الرابع : كونها في مبدأ الأمر من مجرد الاقتضاء المحض وصيرورتها بالممارسة من سنخ الطبيعة واللوازم غير المنفكة.
وقال بكل من ذلك قائل من الفلاسفة والمتكلمين ، ويمكن أن يكون جميع ذلك صحيحا إن أراد القائل بالأول مرتبة خاصة من الاقتضاء لا العلية التامة المنحصرة كسائر الطبايع غير الإرادية الاختيارية فإنه لو قيل بها لزم محاذير كثيرة يشكل الجواب عنها كما يأتي التفصيل في محله.
(مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً فَلَمَّا أَضاءَتْ ما حَوْلَهُ ذَهَبَ اللهُ بِنُورِهِمْ وَتَرَكَهُمْ فِي ظُلُماتٍ لا يُبْصِرُونَ (١٧) صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ (١٨) أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ فِيهِ ظُلُماتٌ وَرَعْدٌ وَبَرْقٌ يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ مِنَ الصَّواعِقِ حَذَرَ الْمَوْتِ وَاللهُ مُحِيطٌ بِالْكافِرِينَ (١٩) يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (٢٠))
المثل كالشبه وزنا ومعنى. والمثل هو وصف الشيء وبيان نعوته التي توضّحه.
وكانت الأمثال دائرة بين الأمم خاصة عند العرب بل كان استعمالها يعد من شؤون الفصاحة والبلاغة ، وقد نهج القرآن الكريم في استعمال الأمثال لغرض تفهيم المخاطبين والتكلم معهم بلسانهم المتعارف بينهم وجلب قلوبهم إلى غير ذلك من الحكم والفوائد. وقد اهتم القرآن الكريم بها اهتماما كبيرا ، فقال تعالى : (وَلَقَدْ ضَرَبْنا لِلنَّاسِ فِي هذَا الْقُرْآنِ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ) [سورة الروم ، الآية : ٥٨] ، وقال تعالى : (وَيَضْرِبُ اللهُ الْأَمْثالَ لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ