جميع ما سواه أيضا. وان كان المراد بها رضاه وسخطه فالأول للمؤمنين والأخير للكافرين والمنافقين ، ومآلهما واحد لأن علمه الأقدس عين ذاته المقدسة على تفصيل يأتي في مباحث العلم إن شاء الله تعالى.
قوله تعالى : (يَكادُ الْبَرْقُ يَخْطَفُ أَبْصارَهُمْ). الخطف : هو الأخذ والإذهاب بسرعة. والمراد أن القرآن والآيات البينة والحجج القيمة تشتمل على أدلة قويمة وبراهين قاطعة فيظهر لهم الحق ويلمع في نفوسهم نور الإيمان كالبرق الخاطف يخطف قلوبهم فيزمعون على اتباعه ولكن الشبهات والآراء الفاسدة تعترضهم فيكونون على حيرة من أمرهم.
قوله تعالى : (كُلَّما أَضاءَ لَهُمْ مَشَوْا فِيهِ). لأنّ القرآن والشريعة يشتملان على بيان المصالح النوعية والترغيب إلى الخيرات والتأكيد في دفع المضار وأمثال ذلك وهذا هو الذي يضيء لهم فيمشون فيه.
قوله تعالى : (وَإِذا أَظْلَمَ عَلَيْهِمْ قامُوا). القيام كناية عن التحير ، لأن القرآن وأحكام الدين تزجرهم عن ما يخالف مشتهياتهم النفسانية فيظلم عليهم فيتحيرون في أمرهم.
والآية الشريفة باختصارها تبين أن في الدين ما يصلح للنّاس دنياهم وارشاد لهم إلى أن فيه زجرا لهم عما يفسد حالهم ، فلا تختص هذه الآيات بالمنافقين بل تشمل كل مشكل في الأمور الشرعية النوعية.
قوله تعالى : (وَلَوْ شاءَ اللهُ لَذَهَبَ بِسَمْعِهِمْ وَأَبْصارِهِمْ). أي لو شاء الله لجعلهم غير مدركين لشيء. وإنما خص عزوجل السمع والبصر بالذكر ، لأن غالب الإدراكات في نوع النّاس إنما ترجع إليهما ، كما في قوله تعالى : (صُمٌّ بُكْمٌ عُمْيٌ فَهُمْ لا يَرْجِعُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٨]. ويمكن أن يراد بالسمع والبصر الظاهران فيكون تتمة للمثل نفسه وبالآية الأخرى عدم الإدراك بقرينة قوله تعالى : (فَهُمْ لا يَعْقِلُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ١٧١].
قوله تعالى : (إِنَّ اللهَ عَلى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ). لا يعجز عن شيء لأن كل شيء حادث وكل حادث فهو مخلوق ومعلول له تعالى فله التوحيد في المعبودية وفي الذات وفي الفعل ، وقد تقدم ما يتعلق بالأول في سورة الفاتحة