وعن الوشا قال : «سألت الرضا (عليهالسلام) الله فوض الأمر إلى العباد؟ قال (عليهالسلام) : الله اعزّ من ذلك. قلت : فجبرهم على المعاصي؟ قال : الله أعدل وأحكم من ذلك ، ثم قال (عليهالسلام) قال الله تعالى : يا ابن آدم أنا أولى بحسناتك منك ، وأنت أولى بسيئاتك مني عملت المعاصي بقوتي التي جعلتها فيك».
أقول : هذه الجملة الأخيرة صريحة في ما ذكرناه آنفا.
وعن الصادق (عليهالسلام) قال له رجل : «جعلت فداك أجبر الله تعالى العباد على المعاصي؟ قال (عليهالسلام) : الله أعدل من أن يجبرهم على المعاصي ثم يعذبهم عليها. فقال له : جعلت فداك ففوض الله إلى العباد؟ قال (عليهالسلام) : لو فوض إليهم لم يحصرهم بالأمر والنهي. فقال له : جعلت فداك فبينهما منزلة؟ قال : نعم أوسع ما بين السماء والأرض».
أقول : (لم يحصرهم) أي لم يوقعهم في حصر التكليف فيكون نفس تصور التكليف بما هو ، وبيان الجزاء عليه كافيا في نفي الجبر والتفويض وإثبات الأمر بين الأمرين. وهذه عادتهم (عليهمالسلام) في إثبات هذا المدعى بأدلة التكليف والجزاء.
وعن أمير المؤمنين (عليهالسلام) القائل في جواب من سأله عن التوحيد والعدل : «التوحيد أن لا تتوهمه ، والعدل أن لا تتهمه. فالقائل بأنه خالق للأفعال فقد اتهمه بالظلم ، والقائل بأنه يكلف العباد ما لا يطيقون فقد نسب اليه القبيح ، والقائل بأنه لا يقدر على أعمال عباده وان كل أعمالهم بإرادتهم ولا شأن له فيها قد اتهمه بالعجز».
أقول : الأول عبارة عن الجبر ، والثاني من لوازم التفويض وترتب اللازمين عليهما واضح.
وعن الرضا (عليهالسلام): «ألا أعطيكم في ذلك أصلا لا تختلفون فيه ولا تخاصمون عليه أحدا إلّا كسرتموه؟ إن الله عزوجل لم يطع بالإكراه ، ولم يعص بغلبة ، ولم يهمل العباد في ملكه فهو المالك لما ملكهم ، والقادر على ما أقدرهم عليه ، فإن ائتمر العباد بطاعته ، لم يكن عنها صادرا ، ولا منها