عليه تعالى بنحو العلمية وفي الممكن بنحو اسم الجنس ، كما في لفظ المدينة مثلا فإنها علم لمدينة الرسول (صلىاللهعليهوآله) واسم جنس لسائر المدن ولكن في اسمه تعالى لا يجوز إطلاقه على غيره لاختصاصه به ، كما في قوله تعالى : (إِنَّنِي أَنَا اللهُ لا إِلهَ إِلَّا أَنَا) [سورة طه ، الآية : ١٤] ويستفاد ذلك من كلام العرب قبل الإسلام أيضا.
هذا ما يتعلق بلفظ الجلالة من حيث هو.
وأما معناه فلا ريب في أنه مما تحير فيه العقول مع اعتراف الجميع بوجوده ودأب القرآن وما ورد في الشريعة التعبير عنه تعالى بالأسماء الحسنى (الصفات) التي ذكرت في القرآن من دون تحديد بالنسبة إلى الذات بل ورد في الأثر عن الأئمة (عليهمالسلام): «يا من لا يعلم ما هو ولا كيف هو ولا أين هو ولا حيث هو إلّا هو» فأثبتوا له تعالى أصل الهوية ولكن حصروا العلم بالهوية به تعالى. نعم ورد في الآثار عنهم (عليهمالسلام) التعبير عنه تعالى : «أنه ذات لا كالذوات وشيء لا كالأشياء» وعن أبي جعفر (عليهالسلام): «اذكروا من عظمة الله ما شئتم ولا تذكروا ذاته فإنكم لا تذكرون منه شيئا إلّا وهو أعظم منه» وعن الصادق (عليهالسلام): «إنّ الله تعالى يقول وإنّ إلى ربك المنتهى فإذا انتهى الكلام إلى الله تعالى فأمسكوا».
وأما ما ورد عن الفلاسفة المتألهين : إنه الذات الجامع لجميع الكمالات الواقعية والمسلوب عنه جميع النواقص كذلك ، وعن العرفاء وبعض محققي الفلسفة الإلهية : أنه الذات المسلوب عنه الإمكان مطلقا ، وعن بعض قدماء اليونان ـ الذي عبر عنه في كلماتهم بشيخ اليونانيين ـ أنه ذات فوق الوجود يمكن إرجاع جميع ذلك إلى ما ورد عن الأئمة الهداة (عليهمالسلام) وإن قصرت عبارات بعضهم عن ذلك. وسنعود إلى بعض ما يتعلق بالمقام في المواضع المناسبة إن شاء الله تعالى ، ولعل عدم تعرض القرآن وسائر الكتب السماوية لحقيقة ذاته الأقدس لوضوحه بالآثار وقصور الممكن مطلقا عن درك حقيقة ذات الواجب وإنما حده درك الآثار فقط وهو تعالى بيّن ذلك كاملا في كتابه ويتم بذلك الحجة والبيان.