شكرا لله تعالى إلى القبلة.
الرابع : السجود الحقيقي لآدم في مقابل السجود لله تعالى.
الخامس : السجود لله تعالى فقط وجعل ذلك من الضميمة الخارجية الراجحة كالصّلاة في المسجد مثلا. هذه هي الاحتمالات الثبوتية.
وأما في مقام الإثبات فقد دل الدليل العقلي والنقلي على أن السجود غاية التذلل والخشوع ، ولا يكون إلّا لمن هو في غاية العظمة والجلال وبناء على هذا يتعين الوجه الأخير.
ويمكن أن يقال : إنه بعد أمره تعالى بالسجود لآدم (عليهالسلام) يسقط جميع تلك الاحتمالات ، إلّا الوجه الرابع ، لظهور الآية المباركة فيه.
ولكن يجاب عنه بأن ظهور الآية في ذلك الوجه ممنوع بعد وجود تلك الاحتمالات ، خصوصا بعد ورود الرواية على أنه كان من سجدة الشكر لله تعالى.
ومن ذلك يظهر أنه لا وجه لما يقال من أنّ السجود عبادة ذاتية فلا يصلح إلّا لمن هو معبود بالذات.
فإنه يرد عليه أولا : أنه لا وجه لكونه عبادة ذاتية وإلّا لما أضر به الرياء ، لأن الذاتي لا يختلف ولا يتخلف ، مع اتفاق فقهاء المسلمين وظهور نصوصهم في أن كل عبادة أتي بها رياء تكون باطلة ، بل يأثم فاعلها وهو شامل للسجدة رياء. نعم لا ريب في أنه يغاير سائر العبادات في اعتبار قصد القربة شرطا زائدا على قصد أصل ذاتها ؛ وله نظائر كثيرة ـ كقراءة القرآن والدعاء ونحو ذلك ـ وقد أثبتنا ذلك في الفقه فيكون قصد الرياء مانعا عن تحقق العبادة ، لا أن يكون قصد القربة شرطا لتحققها ، لأن العمل بذاته مقتض لذل العبودية ما لم يكن مانع في البين.
وثانيا : بعد أن أذن الله تعالى وأمر بالسجود لا فرق بين كونه عبادة ذاتية أو قصدية ، لأن الذاتية ـ على فرضها ـ اقتضائية لا منطقية غير قابلة للتخلف ، هذا بحسب الاحتمال. وأما الروايات فهي مختلفة وسيأتي نقلها في