الذي أسسه الأئمة الهداة (عليهمالسلام) في مقابل الجبر والتفويض ، كما تقدم.
ومنها : أنه بمنزلة الكلب الحاجب يمنع عن وصول غير الأهل الى الحرم الربوبي.
ومن ذلك يعرف أنّ كفر إبليس لم يكن حادثا بعد الامتناع عما أمره الله تعالى ، وتركه للسجود ، فإنّ ظاهر قوله تعالى : (كانَ مِنَ الْكافِرِينَ) والمستفاد من كيفية مخاطبته مع الله تعالى أنّه كان كافرا أظهر الإيمان للملائكة فاعتبروه منهم ، إذ كان مدة من عمره من المتعبدين الساجدين ، كما شرحه أمير المؤمنين (عليهالسلام) في بعض خطبه في نهج البلاغة.
وعليه هل يكون كفره كفر جحود ، أو كفر عصيان؟ ظاهر قوله تعالى : (خَلَقْتَنِي مِنْ نارٍ وَخَلَقْتَهُ مِنْ طِينٍ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٢] فإنه أعجب بنفسه وأظهر كبره ، وظاهر حلفه في قوله تعالى : (فَبِعِزَّتِكَ لَأُغْوِيَنَّهُمْ أَجْمَعِينَ) [سورة ص ، الآية : ٨٢] أنّ كفره كفر عصيان ، لا جحود إلّا أن يقال : إنه لا اعتبار بقول من كان ذاته الكذب والخديعة ، وسيأتي في البحث الروائي ما يتعلق بذلك كله.
ثم إنّ الأمر بالسجود في هذه الآية المباركة مطلق ، وفي آية أخرى معلق على النفخ ، كما قال تعالى : (فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَنَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي فَقَعُوا لَهُ ساجِدِينَ) [سورة ص ، الآية : ٧٢] ، والمستفاد من مجموع الآيات والروايات أنه لا بد من حمل المطلق على المقيد ، كما هو الشأن في جميع المحاورات ، فلا يكون هنا أمران أحدهما قبل النفخ ، والآخر بعده ويأتي في البحث الروائي ما يناسب ذلك.
وهل كان سجودهم في السموات أو في الأرض؟ يظهر من قول علي (عليهالسلام) أنه كان في الأرض فإنه قال : «أول بقعة عبد الله عليها ظهر الكوفة لما أمر الله الملائكة أن يسجدوا لآدم سجدوا على ظهر الكوفة» ، وذلك لا ينافي كون موضع الكعبة مطاف الملائكة من بدء خلقها ، لأنّ الكلام في خصوص السجود.