عَزْماً) [سورة طه ، الآية : ١١٥] وهي أصرح في عدم صحة نسبة العمد اليه ، فيكون نظير قصة ذي الشمالين مع النبي (صلىاللهعليهوآله) التي رواها الفريقان الدالة على نسيان النبي (صلىاللهعليهوآله) في الصلاة المحمول على الإنساء ، لمصالح كثيرة.
الثالثة : قوله تعالى : (وَعَصى آدَمُ رَبَّهُ فَغَوى ثُمَّ اجْتَباهُ رَبُّهُ فَتابَ عَلَيْهِ وَهَدى) [سورة طه ، الآية : ١٢١].
والحق إن لنفس استعمال هذه العناوين موضوعية خاصة في آدم لمصالح كثيرة ، منها أن لا يخطر في قلب آدم الكبر ، لأنه خليفة الله تعالى ، وأنه خلقه بيده ونفخ فيه من روحه وعلمه الأسماء ، وأسجد الملائكة له ، فيكون استعمال العناوين المتقدمة في الآيات المباركة من الله تعالى في آدم (عليهالسلام) نحو إصلاح تربوي ومعنوي له ، لا أن يكون المراد الواقعي منها بقرينة سائر الآيات والروايات.
قوله تعالى : (فَأَخْرَجَهُما مِمَّا كانا فِيهِ). أي من النّعم التي شرحها الله عزوجل في قوله تعالى : (وَكُلا مِنْها رَغَداً حَيْثُ شِئْتُما) ، وتدل الآية المباركة على أنه لم يخرج عما أعده الله تعالى له من مقام خلافته ، وتعليم الأسماء ، وهذه قرينة أخرى على أن الصادر منهما لم يكن معصية. ثم إن الآية المباركة مترتبة على سابقتها ترتب المسبب على السبب.
قوله تعالى : (وَقُلْنَا اهْبِطُوا بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ عَدُوٌّ). الهبوط : النزول من العلو إلى ما دونه ، والمراد به هنا النزول من المحل الذي لا عناء فيه إلى دار التعب والفناء ، والكدورة والشقاء ، ولا اختصاص لذلك بآدم (عليهالسلام) وحواء ، بل هو جار في مطلق الإنسان ، وقد أثبت ذلك علماء الأخلاق والفلسفة والعرفان.
وربما يتوهم : أنّ الآية تدل على أنّ الخلق كان في السماء فنزل آدم (عليهالسلام) منها إلى الأرض. ولكنه مردود بأنّ الهبوط أعم من ذلك فإن معناه النزول من محل مرتفع مطلقا كما في قوله تعالى : (يا نُوحُ اهْبِطْ بِسَلامٍ مِنَّا وَبَرَكاتٍ) [سورة هود ، الآية : ٤٨] ، وقوله تعالى : (اهْبِطُوا مِصْراً)