لا تنفذ ، وكل من قدّم هوى نفسه على رضاء الله تعالى فقد اشترى بآيات الله ثمنا قليلا ، لأنه خسر رضوان الله تعالى ، وعن الأئمة الهداة (عليهمالسلام): «من أصغى الى ناطق فقد عبده ، فإن كان الناطق نطق عن الله فقد عبد الله ، وإن كان الناطق نطق عن الشيطان فقد عبده» وتشمل مثل هذه الأخبار تبديل آيات الله بجميع الأغراض الدنيوية. والمراد بآيات الله تعالى مطلق تشريعاته في معارف الدين وأحكامه.
قوله تعالى : (وَإِيَّايَ فَاتَّقُونِ). بوفاء العهد واتباع الهدى وترك الركون الى الدنيا. وهو يدل على وجوب التقوى وانحصارها بالنسبة إليه تعالى المستفاد من تقديم الضمير المنفصل.
وقوله تعالى : (وَلا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَتَكْتُمُوا الْحَقَّ وَأَنْتُمْ تَعْلَمُونَ). اللبس هو الخلط والتغطية ، أي لا تخلطوا الحق الذي أنزلناه بالباطل الذي تفعلونه. ولبس الحق بالباطل يستلزم كتمان الحق لا محالة ، وقد أفرده تعالى بالذكر ، اهتماما به وتبيينا لكل واحد من المتلازمين بالذكر ، ولا تكتموا الحق بعدم بيانه مع الحاجة الى البيان ، وذلك يتصور على وجوه : إظهار الحق في صورة الباطل وبالعكس ، كتمان الحق مع الحاجة إلى بيانه ، الافتراء على الله تعالى ، والجميع من القبائح ومن شعب النفاق ، مع أنكم تعلمون الحق وما تعلمون من لبس الحق بالباطل وكتمانه والافتراء على الله.
قوله تعالى : (وَأَقِيمُوا الصَّلاةَ وَآتُوا الزَّكاةَ وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ). بعد أن أمرهم الله تعالى بالإيمان أمرهم بأهم وظائف العبودية وهي الصلاة على ما قررتها الشريعة ، ثم أمرهم بأهم الوظائف الاجتماعية وهي الزكاة بما قررتها الشريعة من بذل المال والسعي في الحوائج ، بل زكاة الجاه. ثم أمرهم بالركوع مع الراكعين ، لأن العبادة الاجتماعية أهم من العبادة الفردية لما فيها من المصالح الكثيرة. والمراد بالركوع إما الركعة ويكنى به عن الصلاة ، لأنه أهم أركانها أو لأجل أنّ الركوع كان أشق عليهم من السجود فذكره تبارك وتعالى بالخصوص ، أو للإشارة إلى نبذ عبادتهم والإتيان بهذه العبادة الجديدة.