بالنسبة إلى المؤمنين الخاشعين وإنذار للعاصين المذنبين.
وأنهم اليه راجعون لتوفية جزاء أعمالهم بما قدموه من صالح الأعمال. والتعبير بالرجوع من حيث كونه تعالى مبدأ الكل فيكون منتهاه أيضا.
والظن : مرتبة من الإعتقاد ، وهو مما يضعف ويشتد ، ويعبر عن الثانية ب (اليقين) والمائز بينهما القرائن الخارجية أو الداخلية ، قال تعالى : (وَظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ) [سورة الحشر ، الآية : ٢] أي حصل لهم اليقين بذلك وكذا في المقام فإن مقام الخشوع لا يناسب إلّا مع اليقين فلا تنافي بينه وبين قوله تعالى : (وَبِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ) [سورة البقرة ، الآية : ٤].
ولعل في التعبير بالظن إشارة إلى أن الخاشعين اكتفوا بالظن فاشتد خوفهم منه وهانت عليهم مشاق الدنيا فكيف بمن تيقن بالملاقاة ، وتوبيخ منه بالنسبة إلى هؤلاء الآمرين بالبر الذين ينسون أنفسهم بأنهم لم يتمكنوا من تحصيل الظن من تلاوة الكتاب ليحملهم على العمل الصالح ، أو لأن لشدة كونهم في مقام الخوف والرجاء لا يعتمدون على يقينهم لما يرد عليهم ، فعبر تعالى بالظن سوقا للكلام على مراد المخاطب ، ويشهد لذلك قول نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله): «لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة ولا يتيقن الوصول إلى رضوان الله تعالى حتّى يكون وقت نزع روحه ـ الحديث ـ». ويصح أن يراد بكلام واحد وجوه متعددة باعتبارات مختلفة.
إن قيل : اللقاء والملاقاة من صفات الأجسام الخارجية وهو تعالى منزه عنها ، فلا يناسب الإطلاق عليه عزوجل.
يقال : إن اختصاص اللقاء بالأجسام أول الكلام فقد ورد في قوله تعالى : (حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ) [سورة الطور ، الآية : ٤٥] مع أن اليوم ليس بجسم ، ومع ورود التنصيص بذلك في الكتاب الكريم فلا وجه لهذا الإشكال ، وإنما حصل الإشكال من كثرة الأنس بالماديات وإلّا فالتلاقي في عالم الرؤيا وعالم البرزخ واقع حقيقة ، قال تعالى : (وَالَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَلِقاءِ الْآخِرَةِ) [سورة الأعراف ، الآية : ١٤٧] وقال تعالى : (قَدْ