الأخلاق ، والوصول إلى المعارف والكمالات ، والمواظبة على الواجبات وترك المحرمات.
وقد اعتنى الله تعالى به اعتناء بليغا ، فقد وردت مادة (ص ب ر) في القرآن الكريم في ما يقرب من مائة موضع ، ولم يرد فضيلة أكثر ذكرا منه فيه ، وقد تكرر الأمر به ، قال تعالى : (وَاصْبِرْ فَإِنَّ اللهَ لا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُحْسِنِينَ) [سورة هود ، الآية : ١١٥] ، وقال جل شأنه : (يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصابِرُوا وَرابِطُوا وَاتَّقُوا اللهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [سورة آل عمران ، الآية : ٢٠٠] ، وقال عزوجل : (فَاصْبِرْ إِنَّ وَعْدَ اللهِ حَقٌ) [سورة غافر ، الآية : ٥٥]. وورد الأمر بالاستعانة به في قوله تعالى : (اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَالصَّلاةِ) [سورة البقرة ، الآية : ١٥٣].
والاستعانة بالصبر في الأمور التكوينية استعانة بأسبابها الظاهرية والمعنوية ، وكلها ترجع إلى مراعاة حصول المسببات عند حصول أسبابها المقتضية لها ، واستنتاج النتائج من المقدمات المعدة لها ، وترك المبادرة الى نقض هذا الأمر العقلي النظامي ، فإنه يؤدي إلى خلاف المطلوب.
وفي الأمور الاختيارية فهو إما على ما تكره النفس ، أو على ما تحبه ، والأول عبارة عن مقاومة النفس للمكاره الواردة عليها وثباتها في مقابلها ، وعدم تأثرها ، وعدم انفعالها ، وقد يعبر عن ذلك بالشجاعة وسعة الصدر أيضا. والثاني عبارة عن مقاومة النفس لمدافعة القوى الشهوانية والغلبة عليها بالعقل والفكر ، وكل ذلك من الحكمة العملية التي اهتم الفلاسفة ، وعلماء الأخلاق بشرحها ، فما ورد في السنة المقدسة من «أن الصبر مفتاح الفرج» مطابق للقاعدة العقلية ، لأنه دخول في الشيء من أحسن أبوابه.
وقد أشار نبينا الأعظم (صلىاللهعليهوآله) الى عظيم منزلته لما سئل عن الإيمان ، فقال (صلىاللهعليهوآله) : «هو الصبر» ، كما جعله جزء الإيمان ، فقال (صلىاللهعليهوآله): «الإيمان نصفان فنصف صبر ، ونصف شكر» ، وقال (صلىاللهعليهوآله): «ما أعطي أحد عطاء خيرا له وأوسع من