الأوبئة والأمراض ، ولكنه لم يكتف بذلك لما رأى ازدياد نسلهم فسنّ قانونا يقضي بقتل كل مولود ذكر من بني إسرائيل واستبقاء نسائهم ، كما ورد في الحديث أيضا : «إنّ فرعون لما بلغه أنّ بني إسرائيل يقولون يولد فينا رجل يكون هلاك فرعون وأصحابه على يده كان يقتل أولادهم الذكور ، ويدع الإناث» وكان قصده من ذلك تزويج المصريين بهنّ ونقض كيانهم المستقل بانقراضهم ، أو أن يفعل بهنّ ما يشاء لاذهاب حيائهنّ كما حكى عنه عزوجل في القرآن العظيم ، وكان موسى (عليهالسلام) من مواليد هذا العهد فبعثه الله تعالى نبيا إلى فرعون وقومه يدعوهم إلى الإيمان وإطلاق الإسرائيليين ليعبدوا إلههم فأبى ولم يستجب له كما قال تعالى : (وَقالَ مُوسى يا فِرْعَوْنُ إِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعالَمِينَ* حَقِيقٌ عَلى أَنْ لا أَقُولَ عَلَى اللهِ إِلَّا الْحَقَّ قَدْ جِئْتُكُمْ بِبَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ فَأَرْسِلْ مَعِيَ بَنِي إِسْرائِيلَ) [سورة الأعراف : الآية : ١٠٤ ـ ١٠٥].
ولكن فرعون شدد عليهم الأمر فازداد ظلمه بهم ، ويشير إلى ذلك ما ورد في سفر الخروج من التوراة : إن الله تعالى انبأ موسى بأنه سيجعل قلب فرعون قاسيا على بني إسرائيل ، ويزيد النكال بهم ، وقد تبرم بنو إسرائيل من هذا الوضع الجديد ، كما قال تعالى : (أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَمِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا) [سورة الأعراف ، الآية : ١٢٩] فتهيأ موسى للخروج من مصر.
وقد قيل في سبب الخروج أمور كثيرة ، فقيل : إن فرعون أذن لهم بالخروج بعد أن شكى قومه إليه من الوباء المتفشي بينهم ، ثم ندم فرعون على ذلك فأتبعهم ـ وقيل إن موسى أمر نساء بني إسرائيل أن يأخذن حلي نساء القبط ، كما ورد في التوراة فأمرهم بالخروج فأتبعهم فرعون.
وكيف كان فقد سار بهم موسى حين بلغ ساحل البحر الأحمر عند خليج السويس ، ولكن فرعون اتبعهم حتّى طلع عليهم عند شروق الشمس فأيقن بنو إسرائيل بالهلاك ، قال تعالى : (فَأَتْبَعُوهُمْ مُشْرِقِينَ) [سورة الشعراء ، الآية : ٦٠] وقاد موسى جيشه وعبر بهم إلى الشاطئ الشرقي بعد أن ضرب بعصاه البحر (فَانْفَلَقَ فَكانَ كُلُّ فِرْقٍ كَالطَّوْدِ الْعَظِيمِ) [سورة