التفاسير ؛ وهذا وإن أمكن ثبوتا ، بل ورد نظيره في شمول العذاب للمذنبين وغيرهم بتركهم الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر. ولكنه بعيد عن حالتهم ، فإنها كانت حالة بدائية أي أول دخولهم في شريعة موسى (عليهالسلام) ، فهي تقتضي الجلب والمداراة ، لا الدفع والتضييق.
الثاني : نفس القسم الأول مع اقتضائهم ذلك بأنفسهم لا بإيجاب من الله تعالى عليهم ابتداء ـ فيكون الأمر تقريرا لما سألوه ـ وهو غير بعيد ، خصوصا من الإسرائيليين الذين ينسب إليهم كل غث وسمين ، كما عن جمع.
الثالث : إنّ الأمر من الله تعالى كان امتحانيا ، كما في قضية إبراهيم خليل الله وذبح ابنه إسماعيل فلم يقع قتل في البين ، وإنّما وقع الاستسلام والامتحان موقعه.
الرابع : ما تقدم منا من قتل الأبرياء لعبدة العجل ، وسيأتي في البحث الروائي ذلك أيضا.
قوله تعالى : (ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ). أي توبتكم بقتلكم لأنفسكم طاعة لله ، ومطهرة لكم ، وكفارة لذنبكم فيرتفع العقاب الأخروي بذلك ، وفي تكرار لفظ البارئ اشارة إلى أنه جل شأنه يتدارك هذا القتل بلطفه وعنايته.
قوله تعالى : (فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ). لأنّ ذلك مقتضى كونه بارئا ومحيطا بدقائق الأمور وأسرارها ومنعما عليهم ، وقوله تعالى : (إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ) عام لجميع المذنبين ولجميع الشرائع الإلهية ، فقد وردت هذه الجملة في أغلب قصص الأنبياء (عليهمالسلام) بل جميعها ، فيستفاد أنه لم يجعل الله تعالى دينا إلّا وقرنه بقبول توبة المذنبين ، وهذا هو النظام الأحسن الذي يرتضيه العقل ، ويدل عليه النقل أيضا.
بقي شيء : وهو أن عبادة العجل كانت شركا بالله تعالى ، وقد قال تعالى : (إِنَّ اللهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ ما دُونَ ذلِكَ لِمَنْ يَشاءُ) [سورة النساء ، الآية : ٤٨]. ويمكن الجواب عنه : بأن تحمل الآية على ما إذا مات